بنفسج

مبادرة أطفال التوحد: إجابة لسؤال ماذا نفعل من أجلهم؟

الثلاثاء 13 أكتوبر

إيمانًا منهن بأهمية دمج أطفال التوحد في المجتمع، ورغبة منهن في أن يشاركن حكايتهن لمن في وضعهن، ولتبادل الآراء والمشكلات والبحث عن حلول. ولأن صوت أمهات أطفال التوحد غير مسموع، أردن أن تكون لهن بصمة في المجتمع، ولو بسيطة، لتتقبل كل فئات المجتمع المصابين باضطراب طيف التوحد، فأنشأن مجموعة إلكترونية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يتبادلن عبرها الحكايات ويتعمقن في مجال التوحد، ثم تحولن من الفضاء الإلكتروني إلى أنشطة وفعاليات على أرض الواقع، يقدمن المشورة والنصيحة للأمهات من خلال استضافة المختصين. كما عكفن على أن يصل صوتهن إلى الجهات المعنية، وقد سلّمن كتابًا شاملًا فيه احتياجات أطفال التوحد ومطالبهم. وهنا نتعرف على الحكاية بصوتهن منذ لحظة الصفر وأهدافها وسير خط القائمين عليها، وآمالهم وطموحاتهم.

البذرة التي كبرت

68.png

رابطة أهالي أبطال التوحد فلسطين؛ هي رابطة أنشأتها مجموعة من الأمهات اللواتي لديهن أطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد. بدأت الفكرة بتجمع عدد من الأمهات على المنصات الإلكترونية، حيث بدأن التحاور فيما بينهن، والتحدث عن المشكلات التي تواجهها العائلات التي لديها أطفال توحد في ظل تهميش وتعتيم على قضيتهم، وقلة الوعي بخصوص اضطراب طيف التوحد في المجتمع الفلسطيني.

لهذ ارتأينا أن نقرع جدران الخزان بأنفسنا كأهالي، وأن ننهض للعمل من أجل أطفالنا، وتغيير الواقع وخلق بيئة أكثر تقبلًا للاختلاف، وكان لا بد لنا من اتخاذ الخطوة الأولى التي تنهي التقوقع الذي نعيشه ضمن مجموعة صغيرة لا يسمع بها أحد ولا يعترف بأطفالها أحد. فكان القرار الذي أجمعنا عليه بالبدء بالظهور وإسماع أصواتنا لمختنقة في داخلنا للعالم أجمع.

لنبدأ خطوة أخرى بمشوار الألف ميل، وهي المطالبة بحقوق أطفالنا الضائعة والتي لا يهتم بها أحد، فقمنا بتأسيس أول مؤسسة غير ربحية في فلسطين تُعنى بجميع شؤون الأطفال من ذوي التوحد وأهاليهم.

فقمنا بإنشاء صفحة على فيس بوك تُعنى بشؤون الأطفال من ذوي التوحد بكافة النواحي، ونقل تجاربنا مع أطفالنا وزيادة الوعي المجتمعي بخصوص الاضطراب، وتعزيز فكرة تقبل الاختلاف ودعم ذوي الهمم، الأمر الذي لقيَ ترحيبًا عند عدد كبير جدًا من أُسَر أطفال التوحد من كافة أنحاء العالم.

 ففي وقت قصيرٍ جدًا، تجاوز عدد العائلات الآلاف ممن يشاركون تجاربهم وصور أطفالهم ومشاكلهم وهمومهم، وحتى إنجازاتهم واستفساراتهم. ومن هنا كان لا بد أن يكون لنا جسمًا حقيقيًا على أرض الواقع، لنبدأ خطوة أخرى بمشوار الألف ميل، وهي المطالبة بحقوق أطفالنا الضائعة والتي لا يهتم بها أحد؛ فقمنا بتأسيس أول مؤسسة غير ربحية في فلسطين تُعنى بجميع شؤون الأطفال من ذوي التوحد وأهاليهم، ولا زلنا مستمرين، وسنبقى حتى تحصيل كافة الحقوق، وإثبات وجودهم كأفراد فاعلين في المجتمع، لهم ما لهم من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات.

| أنشطة تفاعلية 

67.png

 وقد كان لنا الأثر الواضح من خلال العديد من الأنشطة التي قمنا بها مع الأهل والأطفال على حدٍ سواء، بالإضافة للمطالبة بحقوق أطفالنا من خلال التوجه للوزارات المعنية، ودائمًا كان هدفنا الرئيسي في اختيار نوعية النشاط مع الأطفال هو أن يكون علاجيًا ترفيهيًا دامجًا، بمعنى أن يستفيد طفل التوحد من النشاط بقدر الإمكان من ناحية علاجية، بالإضافة إلى أن يكون مستمتعًا بجانب أطفال آخرين غير مصابين بالتوحد، في محاولة لتحقيق التوازن الذي يقتضي تقبل كل من الطرفين للآخر، وترسيخ ثقافة تقبل الاختلاف.

ومن الأنشطة التي قمنا بتنفيذها مع الأطفال؛ أنشطة السباحة، وبخاصة أطفال التوحد الذين يستمتعون باللعب في الماء hydrotherapy. وأنشطة تتمثل بركوب الخيل والتدريب على التواصل وتطوير المهارات اللغوية ِanimal assisted therapy. وأنشطة التفريغ النفسي باستخدام الألوان، وأنشطة فنية وحسّية على اختلافها. ورحلات الى أماكن تعتبر مصدر إشباع حسي للطفل مثل أكواريوم فلسطين.كما وتوجهنا إلى المدارس التي يوجد فيها طلاب من ذوي التوحد لزيادة الوعي بين الأطفال بخصوص التوحد، وكيفية التعامل مع أقرانهم، وقمنا بعمل أنشطة دامجة لتعزيز الفكرة.

أما بالنسبة لأهالي أطفال التوحد، فقد تركز العمل بالمقام الأول مع الأم كونها الشخص الأكثر احتكاكًا بالطفل داخل وخارج المنزل، وكونها تقضي وقتًا أطول مع طفلها، حيث قمنا مع الأمهات بعدة أنشطة نذكر منها؛ عقد جلسات عصف ذهني، وتفريغ نفسي بحضور أخصائيات نفسيات. وعقد دورات تدريبية للأمهات تتركز بكيفية التعامل مع طفل التوحد، وكيفية التعامل مع سلوكياته، وتعليمهم على آلية تطوير وتنمية المهارات لدى الطفل، وعقد دورات تمكينية للأمهات في جوانب أخرى؛ كدورة للغة الإنجليزية. والقيام بأنشطة تفريغ نفسي بالأشغال اليدوية والفنية.

وأما من ناحية عملنا ونشاطنا المستمر بالمطالبة بحقوق أطفالنا، فقد كان لنا أكثر من لقاء مع وزير التربية والتعليم الدكتور مروان العورتاني، ووضعه بصورة أوضاع أطفال التوحد في المدارس، والتهميش الذي يمارس بحقهم، حيث استجاب مشكورًا للعديد من مطالبنا، والتي كان أهمها توفير معلمين ظل لعدد من أطفال التوحد المدموجين بالمدارس في محافظات الوطن على حساب الوزارة، على أمل أن يشمل هذا القرار جميع الأطفال في المستقبل القريب.

كما التقينا مع وزيرة الصحة الدكتورة مي الكيلة، وقمنا بتسليمها كتاب يوضح فيه مطالبنا واحتياجات أطفالنا الصحية والنفسية. والتقينا مع رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه، حيث قمنا بتسليمه كتاب شامل يحتوي على جميع مطالبنا واحتياجاتنا لأطفال التوحد من كافة الوزارات.

| منصة الكترونية

69.png

هذا، وفي الوقت الذي توقف فيه العالم بسبب جائحة كورونا، بقينا مستمرين على نفس الخطى الواثقة، مندفعين بإيماننا الثابت لتحسين أوضاع أطفالنا، فقمنا بتأسيس منصة الكترونية لنتمكن من الظهور بشكل مباشر على صفحتنا من أجل إفادة اكبر عدد من أهالي أطفال التوحد حيثما وُجدوا، فقمنا باستضافة العديد من الأخصائيين من مختلف التخصصات والمجالات ذات العلاقة بالعمل مع أطفال التوحد، وتمت محاورتهم بشكل مباشر بكافة التفاصيل المتعلقة بالموضوع المحدد الذي يتم طرحه، فكان لهذه الحلقات أثر كبير، ولاقى استحسان فئة كبيرة من المتابعين.

 وكان للأمهات نصيب من هذه المنصة الالكترونية، فكما نعرف جميعًا مدى الضغط النفسي الذي ترتب على الأمهات خلال فترة الحجر المنزلي، لذلك قمنا بتنظيم جلسات إلكترونية لرياضة اليوغا لمساعدة الأمهات على التفريغ النفسي والاهتمام بالصحة البدنية؛ إيمانًا منا بحق الأم في تخصيص ولو ساعة واحدة لنفسها. وقمنا أيضا بتقديم تدريبات في كيفية التعامل مع أطفال التوحد في ظل جائحة الكورونا، وكيفية تصميم روتين منزلي جديد يتم إشراك الطفل من خلاله بأنشطة يومية دامجة مع أفراد عائلته، في محاولة لتخفيف حالة التوتر والإرباك التي يعيشها الأطفال والأهالي مع التغير المفاجئ في روتينهم اليومي.

كما أُطلاق أول مخيم صيفي افتراضي لأطفال التوحد من خلال منصتنا الالكترونية، حيث عملنا على تجهيز عدد من الطرود، والتي تحتوي بداخلها على جميع الأدوات التي يحتاجها الأهل لتنفيذ الأنشطة المجهزة من قبلنا، وقمنا بتسليمهم إياها في كل المحافظات ليكونوا قادرين على تنفيذ الأنشطة دون أي تكلفة تذكر.

وما زلنا مستمرين، وسنبقى لتحصيل كافة الحقوق وإثبات وجود الأطفال والأفراد المصابين بالتوحد، كأفراد فاعلين في المجتمع، حيث تزداد التحديات والصعوبات في ظل مجتمع لا يفهم ولا يحتوي ولا يستطيع أن يتقبل طفل توحد، ما زاد العبء أضعافًا على العائلة.

وإطلاق حملة قلوب على الشبابيك الإلكترونية في اليوم العالمي للتوعية باضطراب طيف التوحد، حيث قامت العديد من العائلات بتزيين شبابيكهم بالقلوب؛ تعبيرًا عن حبهم ودعمهم لأبطال التوحد في فلسطين. إضافة إلى التدريب على التعليم الإلكتروني، كمبادرة منا، لملاحظة مدى استجابة الطفل المصاب بالتوحد للتعليم عن بعد وتدريبه على الجلوس لفترة معينة لسماع قصة أو تنفيذ تجربة علمية مناسبة لمستواه الإدراكي، أو التدريب على الكتابة بطريقة ممتعة ومسلية.

ولن ننسى حق أطفالنا بالفرحة والضحكة الجميلة، فقمنا بتوزيع هدايا العيد على عدد لا بأس به من الاطفال، والتي تمثلت بتسليمهم ملابس عيد كامله يختارها الأهل بأنفسهم لطفلهم، وفي محاولة منا للتخفيف ولو قليلًا عن الأهل في ظل لأوضاع الاقتصادية المتردية بسبب جائحة الكورونا.

وما زلنا مستمرين، وسنبقى لتحصيل كافة الحقوق وإثبات وجود الأطفال والأفراد المصابين بالتوحد، كأفراد فاعلين في المجتمع، حيث تزداد التحديات والصعوبات في ظل مجتمع لا يفهم ولا يحتوي ولا يستطيع أن يتقبل طفل توحد، ما زاد العبء أضعافًا على العائلة. ومن منطلق مسؤولياتنا كأمهات لأطفال توحد، نريد بيئة صحية وآمنة، وأكثر وعيًا وتقبلًا ومستقبلًا أفضل لأطفالنا.