بنفسج

توقفي عن التيه في حيوات أخرى.. أغلقي هاتفك وابدأي حياتك!

الجمعة 05 نوفمبر

تشعرين أن الوقت ضيق ولا يكفي لإتمام مهامك وإنجاز قائمتك العريضة، ليس لديك وقت للجلوس مع أطفالك واللعب معهم، بل تنظرين إليهم على أنهم مصدر قلقٍ دائم! حسنًا إليكِ الحل السحري صديقتي، أغلقي هاتفك! أغلقي هاتفك عزيزتي وأبداي بعيش حياتك الحقيقية، توقفي عن التيهِ في حيوات أخرى خيالية لا تشبهك وقد لا تشبه أصحابها أيضًا! توقفي عن الانخداع بكل تلك الصور المثالية، كل شيء في مواقع التواصل مثالي وجميل، ويصرخ بالإيجابية، لكن ماذا وراء تلك الصورة المبهرة التي لم تتعد جزءًا واحدًا من الثانية؟

| الخطوة الأولى: ابدأي بالتعافي من وهم المثالية!

phone 2.jpg

أؤكد لكِ أنها حياة عادية، تشبه حياتك وحياتي وحياة صديقتك غير المثالية، توقفي عن اللهث وراء كل تلك الصور التي تخبرك أنكِ لستِ رائعة مثلهم، حياتك ليست مثالية كحياتهم، صغارك ليسوا رائعين كصغارهم، كل شيء في مواقع التواصل يتجمل ليبدو رائعًا مثاليًا، فلا تنخدعي! ابدأي صديقتي باكتشاف بيتك الهادئ، وصغارك العاديين، وحياتك البسيطة العادية، ستجدين فيها ما يستحق الاهتمام، ستجدينها تُشبهك، تُطمئنك أنك رائعة ومثالية كما أنتِ، بلا صور خيالية.

توقفي عن المقارنات الزائفة، اخفضي سقف توقعاتك الخيالي، وابدأي بالتعافي من وهم المثالية، لا توجد حياة مثالية، ولا منازل مرتبة طوال اليوم، ولا ديكورات منمقة طوال الوقت، ولا توجد من تطلي أظافرها كل يوم! ولكن توجد صور مثالية، وزوايا تصوير رائعة، تُخفي وراءها كثيرٌ من الفوضى! الحياة قاسية، فلا تزيديها قسوة على نفسك وعلى أهل بيتك، ولا تسقطي في الفخ، فتزهدي حياتك وتكرهي واقعك انتظارًا لمعجزة ما تحوّل صغارك لملائكة أنيقة، وتجمّل بيتك وتملأه بديكورات راقية، وتطبخ طعامًا أنيقًا فخمًا كل يوم، وتطلي أظافرك يوميًا، وتملأ خزانتك بعشرات الملابس الرائعة!

الحياة ليست صورة رائعة، وليست معجزة خيالية، وبالمناسبة، ليست دائمًا "مغامرة جريئة"، قد تكون حياة عادية هادئة تشبهك وتشبه صغارك وأهلك ومنزلك أفضل لقلبك من كل ما سبق! أغلقي هاتفك، وابدأي عيش حياتك الخاصة بكل جوارحك. اتركيه في الساعة الأولى من اليوم، عندما تقررين إنجاز مهمة ما. لترتيب سريع للمنزل، وإنجاز الضروري من مهام اليوم وترتيب أفكارك بعيدًا عن أي تشتيت، انسي هاتفك تمامًا عند البدء في العمل حتى تنتهين من الأمر، وإن كان ضروريًا معرفة الوقت استعيني بالساعة.

اتركيه عندما تجلسين مع أطفالك ووقت نومهم، فهم يرونك من وراء حجاب الهاتف، أنت تغوصين في عالمك، وهم محبطون يحاولون جذبك لعالمهم، لا تجعلي صورتك الأخيرة في أعينهم ممسكة الهاتف. اتركيه وقت إطعام أطفالك والمذاكرة لهم، فذلك يشعرهم أن أهميتهم أقل من ذلك الهاتف. اتركيه عندما تتحدثين مع زوجك أو طفلك أو أي شخص. لا تتخيلين قدر الحسرة التي يشعر بها أحد عندما تتحدثين إليه منتظرةً أن ينتهي لتكملي تصفحك، أو قد لا تلتفتين إليه أصلًا وتجيبينه ممسكةً بالهاتف. وإليك خطوات عمليه تمكنك من تقليل وقت الهاتف تدريجيًا واستعادة السيطرة على حياتك.

| تحديد وقت معين للهاتف

تلفون 1.jpg

اجعلي لنفسك حدودًا ثابتة، وخصصي وقتًا للهاتف لا تتخطينه، ولا تتركي نفسك لبحر التصفح العشوائي الذي لا ينتهي، فهو مثل الدوامة، ستجذبك دون نهاية، لا تتعاملي مع الهاتف أنه جزء ثابت من يدك! ولا تجعلي تلك الصورة عنكِ تترسخ في ذهن صغارك، فكيف ستطالبينهم بترك الهواتف والالتفات إلى ألعابهم وحياتهم الواقعية وأنتِ ممسكةٍ طوال اليوم بهاتفك!

خصصي أوقاتًا معينة للاستعمال هاتفك، ويمكنك تقسيمها لعدة أوقات على مدار اليوم لتكون عمليةً أكثر، ساعات محددة كدوام العمل _ إن كنتِ صانعة محتوى _ أو جزءًا من وقتك الخاص، يمكنك الاستعانة بمنبه الهاتف لتنبيهك في البداية، واجعلي هدفك وحدودك واقعية متناسبة مع استهلاكك المعتاد، فالتدرج بالتقليل واقعي أكثر من المنع التام، كي لا تيأسي ولا تشعري بفقدان السيطرة.

| "تركيزٌ أكثر.. وقتٌ أقل"

التشتيت يضيع الوقت ويهدر الجهد، أن تركزي على شيء واحد فقط لخير وأبقى من أن تفكري بعشرة أخرى! إن بدأتِ بمهمةٍ ما فلا تفكري في غير انجازها. أن تضعي جهدكِ كاملًا لإنجاز مهمة واحدة في المرة ستفاجئين أنكِ تنجزينها أسرع بجهدٍ أقل وبإتقان أكثر، خلاف أن ترفعي سقف توقعاتك وترهقي نفسك بإنجاز عدة مهام في وقت واحد دون اعتبار لمهامك الأخرى وحالتك الجسدية ومتطلبات بيتك وصغارك!  فالتشتيت يقتل الإنجاز.

| ألغِ متابعة ما لا يفيدك!
 
الاهتمامات تتغير والأوضاع تختلف، لذا احرصي كل فترة أن تقومي بفرز الحسابات التي لا تتابعينها أو التي ترهقك نفسيًا أو التي لا تفيدك، ستلاحظين بعدها أن الحسابات التي تهمك فقط هي ما يظهرك لك دومًا على صفحتك، بذلك ستوفرين وقتًا أكبر، و تركزين على ما يهمك في وقت استعمال هاتفك أكثر.

| لا تنسي هدفك

عندما تفتحين هاتفكِ للبحث عن معلومة ما أو إجراء مكالمة سريعة أو الرد على رسالة مهمة، فركزي على هدفك وفقط، لا تبدأي في تصفح طويل بلا هدف، ولا تغرقي في الرد على الرسائل والمواضيع، ما دام ذلك ليس الوقت الذي حددته للهاتف.

| كل شئ يمكنه الانتظار ولن يفوتك شيء

نعيش أسرى للهاتف طوال اليوم، حتى وإن بدأنا في القيام بأي عمل آخر، تظل تنبيهات الإشعارات تنادينا كل ثانية على مدار الساعة! تناديكِ أن حصلتِ على رسالة جديدة، تعليق جديد، طلب صداقة جديد، اقتراح لصفحة مشابهة لما تتابعينه، اتصال جديد، رسالة جديدة! وتتوالى الإشعارات على مدار اليوم، فتجدين نفسك حرفيًا لا تتركين الهاتف! بل وتلهثين محاولةً اللحاق بكل تلك الإشعارات وإجابتها كلها!

إن انهمكتِ في أمر ما لا يلبث عقلك ينبهك تلقائيًا، ماذا لو كان هناك جديد ولم ينبهن الهاتف! ماذا لو فاتني ذلك الاتصال ولم أسمعه. أخبري نفسكِ مرارًا أن كل شيء يمكنه الانتظار، لن تذهب الرسائل الجديدة إلى مكان آخر ولن يتركك المتابعين الجدد، وإن لم تجيبي الرسائل فورًا لن ينتهي العالم!

عندما تقررين ترك الهاتف عطلي اتصالك بالإنترنت تمامًا ويمكنك جعل الهاتف صامتًا، فقط إن كنت تنتظرين اتصالًا مهمًا يمكنك القلق بشأنه، لكن ما عدا ذلك فأؤكد لكِ أن كل شيء سينتظرك كما هو في مكانه حتى تعيشي حياتك وتنتهي من مهامك وتعودي للاتصال بعالمك الخيالي، هادئة النفس، تكتشفين بكل هدوء "ما الجديد؟"

| إجازة ليومٍ واحد تُغير الكثير 

إجازة ليومٍ واحد أو جزء منه من المهمات المعتادة مفيد للغاية للتجديد وكسر الروتين واستعادة النشاط، ماذا لو فكرنا في إجازة من الهاتف ليوم واحد! بالتأكيد الأمر يستحق التجربة.

| اقطعي اتصال الانترنت ليومٍ واحد

لا بأس من تخصيص يوم واحد كإجازة لكِ، والإعلان على صفحتك عن ذلك، وتذكري دومًا لا أحد أبدًا يستمر بالمعمل طوال الوقت، فلا تستسلمي رغمًا عنكِ لعملٍ بدوام كامل دون أن تلاحظي!
 
أنت قدوة صغارك، فإن كُنتِ قررت عدم تركهم لدوامة الشاشات وتركتِ نفسك، فكيف تنتظرين منهم أن يقتنعوا ويطيعونك، وإن قررتِ تركهم للشاشات، وبدأوا في صنع عالمهم الخاص كما أن لكِ عالمك، فماذا تنتظرين منهم مستقبلًا!
 
 أعرف جيدًا أن الكلام سهل والتنفيذ صعب، وأن من يده بالماء ليست كمن يده تشتعل! لكني أومن أن الأمر يستحق العناء والمحاولة، وأن الكل قادر على التغير مادام يمتلك هدفًا ودافعًا قويًا!

اختاري يومًا واحدًا أو جزءًا منه، واقطعي اتصالك بالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تمامًا، اقتصري فقط في استخدام الهاتف للرد على المكالمات والرسائل المهمة. حتى إن كنتِ صانعة محتوى أو متجر إلكتروني، فلا بأس من تخصيص يوم واحد كإجازة لكِ، والإعلان على صفحتك عن ذلك، وتذكري دومًا لا أحد أبدًا يستمر بالعمل طوال الوقت، فلا تستسلمي رغمًا عنكِ لعملٍ بدوام كامل دون أن تلاحظي!

أنت قدوة صغارك، فإن كُنتِ قررت عدم تركهم لدوامة الشاشات وتركتِ نفسك، فكيف تنتظرين منهم أن يقتنعوا ويطيعونك، وإن قررتِ تركهم للشاشات، وبدأوا في صنع عالمهم الخاص كما أن لكِ عالمك، فماذا تنتظرين منهم مستقبلًا! أعرف جيدًا أن الكلام سهل والتنفيذ صعب، وأن من يده بالماء ليست كمن يده تشتعل! لكني أومن أن الأمر يستحق العناء والمحاولة، وأن الكل قادر على التغير مادام يمتلك هدفًا ودافعًا قويًا!

| أخيرا.. وقفة مع تجربتي الشخصية

هدفي كان قضاء وقت أكثر مع صغيري، وبعد أن أصبح يطالب بإمساك هاتفه مثلنا تمامًا، ترك لعبه. ولم أعد أجد الوقت للعب معه أو مراجعة الحروف أو القيام بأي شيء سويًا! تغيّر كثيرًا لدرجة أني لم أعد أعرفه، اكتسب مصطلحات جديدة، أصبح يغضب أكثر وأسرع، أصبح عنيفًا وإن كان لا يُظهر ذلك أمامي. وبالطبع، نسي كل ما تعلمه من حروف في المدرسة!

لا للتصفح العشوائي! ذلك يسرق كثيرًا جدًا من الوقت! بلا منفعة ويولد الغضب والضيق الداخلي وإن لم تلحظي ذلك_ ستكتشفين في النهاية ضياع وقتك وأن مهامك مازالت بانتظارك في عالمك الحقيقي!

لذا كان لا بد لي من وقفة حازمة، لأنني اكتشفت أني أعيش معه بجسدي فقط، ملبيةً طلباته الأساسية وحسب من طعام وشراب وملابس نظيفة، ولم يعد لدينا تواصل فيما بيننا، وأصبح يعيش في عالم مختلف عني، لا ألاحظ مفرداته وتطوراته السريعة.

فماذا فعلت؟ قررتُ أن أمسك هاتفي لفترات أقصر في اليوم تدريجيًا، وأن أركز تمامًا في الهدف الذي أمسك لأجله الهاتف إن كان كتابة مقال، أو محادثة صديقة، أو خلافه بالطبع كنت أتوه كثيرًا، لكنني ما زلت أحاول. لا للتصفح العشوائي! ذلك يسرق كثيرًا جدًا من الوقت! بلا منفعة ويولد الغضب والضيق الداخلي وإن لم تلحظي ذلك_ ستكتشفين في النهاية ضياع وقتك وأن مهامك مازالت بانتظارك في عالمك الحقيقي!

عملت ساعات عمل محددة، بما أني أكتب على الهاتف وأبحث وأقرأ فأعتبر ذلك عملي، ولكن لا أحد يعمل على مدار الساعة! لذا قررت إلزام نفسي بمواعيد محددة، فيها فقط أكتب وأتصفح الرسائل، ذلك قد يؤثر سلبًا على صانعي المحتوى لكن الامر يستحق المحاولة.

لدي الآن هاتف صامت واتصال مقطوع؛ أصبحت أغلق الإنترنت بعد أن أنتهي، فلا أترك لنفسي مجالًا لفضول الإشعارات التي لا تنتهي، و أقوم بضبطه على الوضع الصامت، فما دمتُ سأبدأ في  مهمة ما بالتأكيد لن أستطيع الحديث في الهاتف حينها. تخفيف الإغراءات؛ قمت بعمل حملة كبيرة جدًا من إلغاء متابعة كل المواقع التي تؤثر بي سلبًا وتستنزفني نفسيًا وتشعرني بالعجز والضيق تدريجيًا. أتابع الآن فقط ما يهمني حقًا، وما يدعمني ويسعدني بالفعل.

كانت تلك الخطوات التي اتبعتها في بداية تجربتي، والتي كانت تسير على ما يرام بحسب توقعاتي، فالأمر يلزمه كثير من الوقت لينجح، إلا أني بدأت أحاول. أحيانًا أسقط في هوة الأرنب وتمر الساعات وأنا أتصفح على غير هدى، يتحدث صغيري فلا أصغي، وتتراكم مهامي فأغضب أكثر! لكنني أحاول وأجدد العهد وأحاول في اليوم التالي أكثر. تذكري دائمًا أن "التقليل وفرة" و"التشتيت يقتل الإنجاز"، ركزي على أهدافك، ولا تتركي نفسك للهاتف فيسرقك مجددًا!