بنفسج

الرجل & المرأة: كيف للطير والسمك أن يعيشا حياة مشتركة؟

الأربعاء 09 ديسمبر

هل فكرت يومًا بأن تجمع سمكة وعصفورًا في مكان واحد، بحيث تضمن أن يحيى كلاهما حياة صحية كاملة هنيئة هادئة مستمرة؟! لعلك احترت حينها؛ هل تضعهما في حوض ماءٍ جميل، أم في قفص معلق في الهواء! وفي الحالتين ستكون هناك تضحية ما، تجعلك تغض النظر عن الفكرة، وكأنها لم تكن، فلا يمكن للطير والسمك أن يعيشا في مكان واحد.

هناك كائنان آخران يعيشان حياتهما في ظروف مختلفة تمامًا، الرجل الذي يحيى حياته محلقًا كطائر يسافر من سماء إلى سماء، والمرأة التي تقضي حياتها سابحة في أحلام اليقظة بين الطحالب الخضراء. ثم ودون سابق إنذار، يدق ناقوس الخطر في حياة كل منهما، ليعلن أنه قد حان أوان جمعهما في مكان واحد، في بيئة واحدة، وعليهما أن يتعايشا ويكملا الطريق سويًا.

| فكيف ستتحقق المعادلة؟!

الرجل1.jpg

عندما يضطر الطير ليعيش مع السمك، علينا أن نجد نقطة التقاء بينهما، وعلينا لنتمكن من إيجاد تلك النقطة، فهم اختلافات واحتياجات كل منهما، كي لا يتنازل أحدهما للآخر، ولا يطغى أحدهما على الآخر! دعوني في هذا السياق ألخّص لكم محتوى كتاب يعالج العلاقة بين الرجل والمرأة والذي يحمل عنوان "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، والذي لم يتوانَ كاتبه عن ذكر الاختلافات المفصلية بين الرجل والمرأة من ناحية عقلية وشخصية، وكم من الممكن أن نظلمهما لو وضعناهما في قالب واحد، وأصدرنا الأحكام عليهما بشكل متماثل، أو طالبناهما بأن يمتثلوا لذات القيود.

في القائمة التالية، بعض تلك الاختلافات التي لابد من معرفتها وإدراكها، لندرك حجم الاختلافات بيننا لنقوّم سلوكنا في العلاقة التي تجمعنا - ولابد منها - بالرجل، بغض النظر عن موقعه في حياتنا، وأيًا كان دوره بها:

| طريقة مواجهة المشاكل

تميل المرأة بفطرتها إلى الحديث عن مشكلتها كرد فعل أوّلي اتجاه تلك المشكلة؛ فالمشاركة هي الخطوة الأولى التي تمكّنها من التفكير بمشكلتها بصوت عالٍ، واستشارة من تحب من حولها لإيجاد الحل المناسب لها، ولتخفيف وطأتها على نفسها.

أما الرجل، والذي قد أتى من المريخ بالنسبة إلينا، فهو على العكس، يتمثل رد فعله على المشاكل بأن يتقوقع على نفسه في كهف وينعزل عن العالم الخارجي، ليفكر بحل مشكلته دون استشارة أو مشاركة أحد بها، بل إنه يتعامل مع أي تدخل خارجي لمساندته ومساعدته على أنها إهانة!

| توزيع الأولويات في الحياة

تعطي المرأة دومًا الأولوية في حياتها لعاطفتها، ثم يأتي كل شيء آخر في المرتبة الثانية، فترى الأهل والزوج والأطفال هم العنصر الأهم في حياتها مهما بلغت قضايا أخرى من الأهمية بمكان في حياتها، تبقى كفة الميزان ترجح لصالح عاطفتها وعلاقتها المقّربة.

في حين تتوزع أولويات الرجل بطريقة مختلفة؛ فهو ينظر للأمور من زاوية أخرى تمامًا، إن العاطفة بالنسبة إليه هي أمر ثانوي يُبنى على استقرار مادي وعملي واجتماعي بالدرجة الأولى، وهذا ما يبرر المقولة التي من المرجّح أن صاحبها رجلًا، "الحب ما بطعمي خبز"!

| الاحتياجات الأساسية لكل منهما في العلاقات

الرجل2.jpg
الرجل وهو يحاول فهم زوجته

تحتاج النساء بشكل رئيسي إلى الحب القائم على الرعاية، والتفهم، والاحترام. والترتيب من الضرورة بمكان في هذه النقطة، فأوّل ما يقرّب الأشخاص من روح المرأة هي الرعاية والاحتواء الذي يجعلها تأمن المكان وتكون على سجيّتها دون أن تحيط نفسها بالحدود الشائكة أو تعلّق لوحة "ممنوع الاقتراب"! ومن ثم يأتي التفهم والاحترام كعناصر أساسية لتدعيم وتوثيق تلك العلاقة.

بينما الطرف الآخر نجده يبحث عن الحب المبني على الثقة والقبول والعرفان، فأول ما يقرّب الرجل من الآخرين هي الثقة المتبادلة بينه وبينهم، ومن ثم قبوله بعيوبه قبل مميزاته، وبجوانب شخصيته المظلمة قبل تلك المضيئة، وأخيرًا، امتنانهم له دومًا بكل شيء يقدمه، مهما كان الشيء بسيطًا.

وتعقيبًا على هذه النقطة، نستطيع تفسير العديد من الاختلافات التي تحدث بينهما نتيجة لأن كل طرف منهما يقدم ما يحتاجه هو لا ما يحتاج إليه الآخر، فنرى المرأة تعبر عن حبها باهتمامها المبالغ به، بينما يعبر الرجل عن ذات المشاعر بالثقة والامتنان لشريكته.

| طريقة تقديم الدعم

لا تنتظر المرأة من الشخص الذي تحبه، مهما كانت نوع علاقتها به، أن يطلب منها المساعدة لتسدي إليه بوابل النصائح والإرشادات، أو لتقدم المساعدة بكافة الطرق المتاحة لها. فهذه طريقتها بالتعبير عن الاهتمام، وهي تفعله بقناعة تامة، معتقدة أنها بهذه الطريقة تحافظ على علاقتها بهذا الشخص وتحميها.

ويتبع الرجل في هذا المنوال قاعدته الذهبية وهي "لا تصلح الشيء إلا في حال انكساره"، وهو ما يجعله يؤجل مساندته ودعمه حتى آخر رمق، أو حتى تُطلب منه المساندة بشكل صريح ومباشر. وحينها سيكون دعمه متمثل بأن يتقمّص دور الخبير، وبأن يصغّر من حجم المشكلةن ويقلّل من شأن عواقبها، وهنا لا يمكننا لومه على تلك الطريقة، فهي طريقته بحل مشاكله الخاصة أيضًا.

| معايير الحكم على الذات

الرجل3.jpg

إن فكرة المرأة عن نفسها تحدد عن طريق مشاعرها ونوعية علاقاتها، فكما أسلفنا العاطفة هي الأولوية الأولى في حياة المرأة، والعلاقات المبنية على الحب والتفاهم والتضحية هي بالنسبة إليها الإنجاز الأكبر والأهم في حياتها، وتُقاس نسبة رضاها عن ذاتها بنسبة نجاح تلك العلاقات.

وعلى الضفة الأخرى، يمجّد الرجل القوة والكفاءة والفاعلية والإنجاز، واعتماده على نفسه، ومفهوم الذات عند الرجل يُحدّد عن طريق قدرته على تحقيق نتائج وأهداف، فهم يهتمون "بالمدركات الحسية" و"الأشياء" بدلًا من الناس والمشاعر.

| الوقوع في الحب

الرجل4.jpg

تبحث المرأة عند وقوعها في الحب ببساطة عن الرجل القوي الذي سيدعمها ويحميها، ويكون حنونًا عليها بقدر والدها - الذي يمثل الحب الأول في حياتها -، وسيقدّر حاجتها للرعاية كزهرة يسقيها بعناية وبقدر كي لا يفقدها. بينما مفهوم الرجل للحب هو مختلف نوعًا ما، حيث إن فلسفته هي الربح/الخسارة، ويريد دومًا أن يربح ولا يهتم إذا خسر، وانطلاقًا من هذا المبدأ، قد يضطر الرجل عند لحظة وقوعه في الحب إلى بعض التغيير في أولوياته، بأن يجعل العاطفة تطفو لفترة وجيزة قبل أن يعود لرشده وفطرته مرة أخرى، وكاهتمامه بأن يربح على المستوى الشخصي يهتم بأن تربح شريكته أيضًا، فبالنسبة إليه فوزها هو فوزه.

والحديث يطول في الاختلافات بين الجنسين، وفي طريقة حكمهما على الأشياء من حولهما والتعامل معها، فرغم إيماننا بقدرات المرأة القوية الشجاعة المضحيّة الحنونة التي تجمع بين كل الصفات المتضادة في قلب واحد، علينا أن نوقن بأن هنالك اختلافات تجعلنا نرى الأمور بصورة مختلفة.

ومن هذه النقاط سنعلم أن طريق التفاهم والوصول للرضا في أي حياة زوجية وأسرية هو فهم هذه الاختلافات، ومراعاتها، لضمان حياة هادئة مستقرة تجمع كائنين مختلفين قد عاشا حياة بأكملها في بيئات مختلفة.

وبتعلّمنا اختلافاتنا والبحث فيها، نستطيع النجاح في التوصّل للغة حوار مشتركة بيننا، تجعلنا نتقبل الآخر ونفهمه بقدر ما نفهم أنفسنا، فلا نظلِم ولا نُظلَم. ومن هذه النقاط سنعلم أن طريق التفاهم والوصول للرضا في أي حياة زوجية وأسرية هو فهم هذه الاختلافات ومراعاتها لضمان حياة هادئة مستقرة تجمع كائنين مختلفين قد عاشا حياة بأكملها في بيئات مختلفة، ثم استطاعا بقدرة إلهية قد منحها لكل منهما أن يبنيا عشّاً هانئًا، وتأقلم كل منهما على ظروف الآخر بما يتماشى مع رغباته وظروفه. وحينها يمكن لأبناء الزهرة والمريخ أن يلتقوا على الأرض ليعيشوا بسلام، ويلتزم كل منهما بحدوده التي يفهمها ويفرضها على نفسه بكل حب، وبالتالي، ستنشأ العلاقات الصحيّة التي هي أساس الحياة على هذا الكوكب.