بنفسج

عن القوالب .. إذ تصبح هاجسا !

الثلاثاء 09 يونيو

"أنا لست مجنونا .. إنما أنا لست أنت"

 عبارة جميلة أليس كذلك؟ وكأنما يراد بها تعزيز ثقافة الاختلاف وترسيخ مفاهيم التقبل والتعددية، وهي من ناحية أخرى تقول: يا عزيزي /عزيزتي؛ أنت لست القالب! أنت نوع واحد من مليارات الشخصيات التي تمشي على قدمي فلا تضعني في قالبك فتكسره أو تكسرني.

كل شيء في هذا الكون يصرخ: انظر إليّ واقرأني، استمع إلى ما أريد أن أقوله، حتى الألوان حتى الجمادات حتى مواقف السيارات في الشارع، كلها لها لغة، وكلها لها مآل وكلها تريد أن تقرأ كما هي لا كما أنت.

ملاحقة القوالب الجاهزة مهمتي في هذه الحياة، فهي عدوتي اللدودة! النمط والحكم المسبق، الإجحاف والحرمان من الفرادة، الفرادة بمفهومها الإنساني -البصموي، أؤمن أن كل إنسان هو بصمة وهو متفرد بشخصية وصفات وإن لم يؤمن هو بذلك، الفرادة لا تعني الانفراد بالتميز وإنما أن يكون الفرد فردا هكذا ببساطة.

نظرا لمجال تخصصي، والذي تقولب فيه المرأة العاملة ضمن قالب معين، أجد نفسي أقف أمام نوعين من "المنمِطين"؛ واحد بمجرد أن يلوح له طرف جلبابي يسقط حد السيف بأحكامه وقولبته علي، ينظر بنصف عين مفتوحة نظرة "شزرا" متسائلا بينه وبين نفسه : "انت ايه اللي جابك هنا؟!" ..

والآخر أتعامل معه كثيرا عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، يسعد أيما سعادة بعملي و"البروفيشناليزم" التي أتمتع بها -وهذا من فضل ربي- وعندما يراني لا أدري ربما ينكسر القالب في ذهنه أو ينتقل بسرعة إلى ذات السؤال: "انت ايه اللي جابك هنا؟!

كل شيء في هذا الكون يصرخ: انظر إليّ واقرأني، استمع إلى ما أريد أن أقوله، حتى الألوان حتى الجمادات حتى مواقف السيارات في الشارع، كلها لها لغة، وكلها لها مآل وكلها تريد أن تقرأ كما هي لا كما أنت.

قوالب .. قوالب .. قوالب! أيها الأعزاء- أيتها العزيزات ، إن أسوأ ما قد يحدث لنا كـ"ساعين في مناكبها" أن يطال الجمود جوانبا مهمة من حياتنا، أن يتسلل إلى أفكارنا وتقديرنا! أن نركن إلى ما نعرف ونألف لا إلى ما نشاهد ونعايش، أن نضع أنفسنا في خندق مدافعين عن ما نقول ونؤمن ونخطط دون أن نستمتع بنعمة "المنظور الآخر"، أن أدع الفرصة سانحة لألمس شخصية من حولي بحقائقهم لا بقوالبي وأفكاري.

حتى قوالب الكعك أكرهها! وأحب تلك المنقوشة هنا وهناك برتابة قد تخرج قليلا من العجين عن سكة الانتظام والتكرار، نتشابه في بعض الصفات نعم، نلتقي في أفكارنا وآمالنا أجل ولكن أعزائي لا تضعوا أنفسكم وأحباءكم في أوانٍ و إطارات، تعرّف إلى جارك – جارتك التي تختلف معك في الأفكار والإيمان والتوجهات، فإن النفوس معادن يعلوها "الصدأ" إن لم تطلها صنفرة التجديد والتغيير.