بنفسج

الجوع للحب و"إتيكيت" المجاملة الزوجية

الثلاثاء 09 نوفمبر

قال لها: "تبدين جميلة"، فردّت عليه: "كم أنتَ رائع يا عزيزي"؛ هكذا ينتعش الحوار بين الزوجين حين يتبادلا كلمات لطيفة من هذا القبيل. وهذا ما يُطلق عليه "المجاملة بين الأزواج"، والتي تُعد واحدة من الطرق الفعّالة التي تساهم بشكل كبير في نجاح العلاقة الزوجية والمحافظة على حيويتها واستمراريتها. فعندما يقدم كل شريك للآخر الإطراء والتشجيع المُغلّفين بمشاعر الود الصادقة، سيكون لذلك الأثر الكبير في زيادة المحبة في ما بينهما، وأيضًا سيرتفع منسوبي ثقة وتقدير كل منهما للآخر. أي أن تأثير المجاملة بين الزوجين هو السحر الحلال بعينه، ويكفي أن تعكس على حياتهما المودة والألفة.

| أصول وقواعد

 
إن من اللباقة والإتيكيت حينما يجامل أحد الزوجين الآخر أن يتسم بعدة صفات. مثلًا.
يركز على السمات الإيجابية للشخصية؛ كالطيبة والكرم والتسامح وغيرها من السمات؛ كأن يثني الرجل على تصرف زوجته مع أخته: "أقدر لك طيبتك عند زيارتك لأختي المريضة اليوم، شكرًا لك". ويكون محددًا؛ على سبيل المثال: "فستانك الوردي الذي ارتديتِه أمس كان رائعًا"، وأن يكون صادقًا ومخلصًا، فالمشاعر الصادقة تصل بشكل أسرع ليشعر بها الطرف الآخر.

من جانب آخر دعوني أقول بأن هذا الأمر قد يُحدث تأثيرًا عكسيًا إذا لم تتبع معه الأصول والقواعد السليمة، وهو ما يطلق عليه "الإتيكيت". إن من اللباقة والإتيكيت حينما يجامل أحد الزوجين الآخر أن يتسم بعدة صفات.

| الصدق: أن يكون صادقًا ومخلصًا؛ فالمشاعر الصادقة تصل بشكل أسرع ليشعر بها الطرف الآخر وتحدث الأثر المطلوب.

| نظرات دافئة: يستخدم تعابير ولغة جسد راقية، ونظرات محببة ودافئة تحافظ على معنى المجاملة ومحتواها ولا تقلل من قيمتها وأهميتها.

| الإيجابية في الفعل: يركز على السمات الإيجابية للشخصية؛ كالطيبة والكرم والتسامح وغيرها من السمات؛ كأن يثني الرجل على تصرف زوجته مع أخته: "أقدر لك طيبتك عند زيارتك لأختي المريضة اليوم، شكرًا لك". ويكون محددًا؛ على سبيل المثال: "فستانك الوردي الذي ارتديتِه أمس كان رائعًا".

| الشكر والامتنان: لا يفوّت الفرصة أو المناسبة لتقديم الشكر وإظهار الامتنان على أي مبادرة أو مجاملة يقدمها الطرف الآخر، كأن يقدم الزوج هدية لزوجته، أو يصنع لها بنفسه مشروبها المفضل، أو يجهز لها الإفطار مثلًا. على الزوجة في هذه الحالة أن تشكر الزوج مباشرة، وتظهر امتنانها له على لفتاته تلك معها مستخدمة عبارات كهذه: "كم أحب لفتاتك الجميلة" أو "لا حرمني الله منك زوجي الحبيب"، والتدرب على ذلك. ولا يُقارن؛ فعند تلقى المجاملة لا يقارنها بمجاملة أخرى سواء كانت سابقة أو من شخص آخر حتى لا يفسد أثرها أو قيمتها.

| شبكات التواصل

ما أجمل التعبير عن الحب الحقيقي بين الزوجين بشكل عملي، فبدلًا من إرسال الصور المعبرة عن الحب ونشرها على الملأ، الأفضل أن يعبّر كل منهما للآخر بكلمات، أو رسائل تظهر الحب والدفء بشكل يحافظ على خصوصية العلاقة لأنها حقًا فريدة وحميمة.
 
فعندما تنشر حبك  على شبكات التواصل الاجتماعي، فأنت بذلك قد شكلت خطرًا على خصوصية العلاقة في ما بينكما. ومن ناحية أخرى، ثمة خطورة سلبية أخرى قد لا نشعر بها، ولكنها تتولد عند بعض الزيجات الأخرى نتيجة عقد المقارنات ثم الإحساس بالسخط وعدم الرضا.

باتت الشبكات الاجتماعية كــ فيس بوك وتويتر وإنستجرام والسناب شات وغيرها، جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهي "من اسمها" الهدف منها تحقيق التواصل الاجتماعي بين الأفراد، لذا يراها الكثيرون الآن أداة من الأدوات الفعالة جدًا لتعزيز العلاقة بين الأفراد إذا استخدمت بحكمة وفطنة.

واليوم نجد كثيرًا من المتزوجين قد بدؤوا بالاستعانة بتلك القنوات للتعبير عن مشاعر المودة والحب فيما بينهم، حتى أننا نجد من ينشر بعضًا من تفاصيل حياته الخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي ليشاركه الأصدقاء بتعليقاتهم ووضعهم علامة الإعجاب like أو حتى منهم من يشارك المنشور share. أعتقد أن هذا الأمر قد انتشر بشكل كبير حتى أصبح ظاهرة تستحق أن نقف عندها لنناقش بعض الزوايا فيها: بحبك يا دينا

إن نشر الصور أصبح أمرًا شائعًا بين الناس؛ ومنهم من يفعل ذلك بشكلٍ صادم. منذ فترة كنت قد شاهدت أحد الفيديوهات التي انتشرت على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي؛ الفيديو تناول زوجًا شابًا أعدّ لزوجته مفاجأة سارة بأن وضع لها الشموع في كل أنحاء المنزل منذ بداية دخولها من الباب، أخذت تتجول بمحاذاة الشموع، وفي أثناء ذلك كانت تبدي انبهارها وامتنانها معبرة عن ذلك بكلمات من الحب بما فعله لها زوجها، ثم في المقابل يرد عليها بكلمات الغزل والحب والغرام.

حب 1.jpg

حقيقة ذُهلت من كم المشاهدات التي حصل عليها هذا الفيديو! فيديو آخر عن ذلك الشاب الذي أحضر رافعة ومعه أصدقاءه يحملون البالونات، ويرفعون اللافتات المكتوب عليها "بحبك يا دينا!" ثم ركب بطل الحكاية في الرافعة، وبدأت تصعد به عاليًا حتى وصل إلى شرفة خطيبته، في أثناء ذلك كان ينادي بأعلى صوته: "بحبك يا دينا!" ثم أطلّت دينا من شرفتها لتجده قد وصل إليها بالرافعة، ثم يأخذها ويحملها كي تركب معه، وأخيرًا تنزل الرافعة بهما، والأصدقاء في أثناء ذلك ما بين مشجع ومصفق.

أعتقد أنكم ظننتم أني أكتب رواية غرامية، لا؛ إنها إحدى الفيديوهات الواقعية، والتي بدأت وأمثالها في الانتشار كثيرًا. قد يقول البعض: "وما الغرابة في ذلك؟ إنها أساليب إبداعية وطرق مبتكرة للمجاملات بين الأزواج والأحباب". حسنًا، أعتقد بأنه لا مانع من مشاركة تلك اللحظات الرائعة بين الأزواج مع الآخرين على الشبكات الاجتماعية كتعبير عن الحب والامتنان، ولكن لا بد أن تسأل نفسك حقيقةً: "لماذا تقوم بذلك الفعل؟".

العلاقة الزوجية وتلك اللحظات الرومانسية والمحورية في الحياة، والتي توطد الحب بين الزوجين، وتجعله راسخًا هي في الأصل ليست موجهة لأعين العامة سواءً أكانوا أصدقاء أو غير أصدقاء.

دعونا نضع بعض المعايير لتلك الأمور كي تبقى في إطارها الصحيح. وسأتناول تلك النقطة تحديدًا من زاوية أخرى؛ فالعلاقة الزوجية وتلك اللحظات الرومانسية والمحورية في الحياة، والتي توطد الحب بين الزوجين، وتجعله راسخًا هي في الأصل ليست موجهة لأعين العامة سواءً أكانوا أصدقاء أو غير أصدقاء.

ما أجمل التعبير عن الحب الحقيقي بين الزوجين بشكل عملي، فبدلًا من إرسال الملصقات والصور المعبرة عن الحب ونشرها على الملأ، الأفضل أن يعبّر كل منهما للآخر بكلمات، أو رسائل تظهر الحب والدفء بشكل يحافظ على خصوصية العلاقة لأنها حقًا فريدة وحميمة. فعندما تنشر حبك وإطراءك والثناء لبعضكما البعض على شبكات التواصل الاجتماعي، فأنت بذلك قد شكلت خطرًا على خصوصية العلاقة في ما بينكما. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ثمة خطورة سلبية أخرى قد لا نشعر بها، ولكنها تتولد عند بعض الزيجات الأخرى نتيجة عقد المقارنات ثم الإحساس بالسخط وعدم الرضا.

| زاوية نفسية

 
"هناك المزيد من الجوع للحب والتقدير في هذا العالم أكثر من الخبز". مقولة الأم تيريزا  تستدعي منا وقفة، نعم، إننا قد نحتاج إلى الشعور بالحب والتقدير في بعض الأحيان أكثر من احتياجنا للطعام.
 
وأؤكد على قاعدة مهمة في الإتيكيت المتعلق بهذا الشأن؛ وهو أن نعي أهمية المحافظة على الخصوصية في حياتنا، وإذا كان لا بد من إرسال إطراء ما  من أحد الشريكين للآخر، فليكن ذلك في حدود الاعتدال وعدم المبالغة للحفاظ على علاقة زوجية مستقرة.

أشارت بعض الدراسات الخاصة بــ "علم نفس الشبكات الاجتماعية" إلى أن من ينشرون المزيد من المعلومات عن حياتهم الخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، يبحثون عن مزيد من الاهتمام والدعم، كما أنهم يتطلعون إلى تواصل دائم مع غيرهم في ذلك العالم الافتراضي.

 "هناك المزيد من الجوع للحب والتقدير في هذا العالم أكثر من الخبز". مقولة الأم تيريزا  تستدعي منا وقفة، نعم، إننا قد نحتاج إلى الشعور بالحب والتقدير في بعض الأحيان أكثر من احتياجنا للطعام. لننظر في هذا المثال: قد ينشر أحد الشريكين منشورًا يخص علاقتهما كأن يعبر عن حبه لها وسعادته كونها شريكة حياته ...؛ في هذه الحالة من الذوق واللباقة أن ترد الزوجة على منشور زوجها هذا بأسلوب متزن؛ وهذا لا شك أيضًا من فنون التواصل؛ وإن كان من الأفضل أن تكون مثل تلك الرسائل الرومانسية مباشرة بين الأزواج كي تحافظ على قدسية تلك العلاقة الحميمة.

وفي حال تجاهلَ أحد الطرفين الرد فلا ينبغي هنا أن يُؤخذ الأمر على محمل الحساسية أو أنه ضد الذوق؛ لأن عكس ذلك - أي إن غضب الشريك وتطور الأمر إلى نشوب خلاف - قد يكون مؤشرًا إلى أن الدافع الأساسي من وراء تلك المنشورات هو المباهاة لا أكثر أو لكسب الدعم من الآخرين والأصدقاء المتابعين لهم عبر الشبكات الاجتماعية، لا الشريك ذاته المعني بالأمر. وأؤكد في النهاية على قاعدة مهمة في الإتيكيت المتعلق بهذا الشأن؛ وهو أن نعي أهمية المحافظة على الخصوصية في حياتنا، وإذا كان لا بد من إرسال إطراء ما أو مجاملة من أحد الشريكين للآخر، فليكن ذلك في حدود الاعتدال وعدم المبالغة للحفاظ على علاقة زوجية مستقرة وسليمة.