بنفسج

المرأة القوية: هل من تعريف منصف للمفهوم؟

الأحد 08 مايو

تباينت تعريفات المرأة القوية في عصرنا الحديث، بالرغم من أن هذا المصطلح كان يُختصر بالأم المربية الرؤوم، والزوجة الحنون، والأخت الداعمة، والبنت الدافئة، والصديقة المخلصة، ولكن الآن أصبحت تعرف وتزين كل حسب وجهة نظره، مهما اختلفت التعريفات زبدة القول أن المرأة القوية تستحق الحب، لا تهان ولا تستغل ولا تنكسر، المرأة القوية تحمل أرق قلب تحيطه بسياج قوي بفكرها وصلابة مواقفها، هي صاحبة مبدأ تعيش عليه وتحارب من أجله، مرنة بثباتها وثقتها، تعرف نفسها وتسعى بدأب نحو الأفضل، متمكنة من قدراتها، تحمي قلبها وروحها بإيمانها بالله، وتحفظ جوارحها من الكيد والضغينة.

المرأة القوية لا تقع ضحية الصدف، ولا تنبهر بالبدايات، فلكل بداية نهاية، ترتب مشاعرها في أدراج، وتميز ما الذي يملك قلبها ويؤثر فيه، لا تخجل من أن تركبيتها عاطفة؛ فهي المشاعر كلها في هذه الحياة، لجامها عقلها. في الحياة كانت المرأة لها مرتبتان حرة وجارية، وكم من الجواري نلن حريتهن بعقلهن وأنوثتهن، فالحرة هي التي يملكها عقلها وتملك عاطفتها، تسعى لحياة كريمة ربان سفينتها هي، ترضى بنجاحها وتتقبل خطأها وضعفها في موطن ما، هي فارس يحكم لجام الفرس إذا هاج وأرعن، تصنع الرجال وتمضي العمر شغلها الشاغل أن تكون شجرة مثمرة يتفيأ بظلها كل من مر بها، ويا حبذا لو سعت لطيب ثمارها.

 لو تأملت حياتها جيدًا ستجد أن الرجل شريك لها، فالتصالح مع الوجود الرجولي بسلبياته وإيجابياته هو أساس قوة المرأة ووعيها وتقبلها لوطأة كبواتها، وأول الوجود الرجولي في حياتها هو الأب ثم الأخ، وأي غياب ونقص فيهما سيولد نقصا وألما يرافقها طيلة حياتها.

المرأة جميلة، وقوية بانحناءاتها وضعفها وأخطاءها، مادامت تعلم أن حاجتها للرجل حاجة فطرية مجبولة عليها، وتعينه على معرفة مكانته الصحيحة بالنسبة لها، تعلم أن لحظات الفرح تنتهي بالسرعة نفسها التي تنتهي بها لحظات الحزن، وكلاهما يغيرها، والقرار بيدها أن يكون هذا التغيير للأفضل، تدرك أننا لو حاولنا الاحتفاظ بلحظات السعادة ستصبح روتينًا نمله، فلا نملك إلا توديعها والاحتفاظ بعطر ذكراها، والفرح من سنة الحياة لا تصنعه المرأة وحدها.

 لو تأملت حياتها جيدًا ستجد أن الرجل شريك لها، فالتصالح مع الوجود الرجولي بسلبياته وإيجابياته هو أساس قوة المرأة ووعيها وتقبلها لوطأة كبواتها، وأول الوجود الرجولي في حياتها هو الأب ثم الأخ، وأي غياب ونقص فيهما سيولد نقصا وألما يرافقها طيلة حياتها، وكثير من النساء تنقاد لعلاقات عاطفية خاطئة تكتشف في نهاية المطاف، أنها كانت تبحث في الرجل عن ذلك الأب أو الأخ الذي فقدته، ولم يكن يعني لها الحب الحقيقي الذي تطلبه بشكل فطري.


اقرأ أيضًا: "هذه المرأة قوية"... لمن تقولين هذه العبارة


شغلونا باستيراد مصطلحات المرأة القوية وقولبتها وتشكيلها كل حسب وجهته، ونسوا جوهر ولبّ التعريف ، هو سرّ من أسرار المرأة نفسها، وكل امرأة تعرف القوة بالنسبة لها، حسب خبرتها وتجربتها في الحياة، تقدر قوتها بظروفها والميزات المتاحة لها، لا تلهث وراء كماليات وقشور، تعلم جيدا أن الكون خلق على كفتي ميزان، الأنوثة والرجولة، قوتها في أنوثتها، فلا مرحبًا ولا سهلًا في مرأة مسترجلة كسرت قواعد الكون بجهلها، اختلطت المفاهيم وتبعثرت الأنوثة فما عادت الكثير من النساء تعلم أين الأنوثة فيها، وأصبحت تشعر أن عاطفتها وأنوثتها عبء وذنب تعاقب عليه إذا أظهرته.

أخيرًا، كوني حرة بمبادئك وفكرك المرن الذي يتقبل الخطأ والمعرفة، تقبلي عاطفتك وأنوثتك واجعلي عقلك لجامهما. لا تقبلي على الشعارات والتعريفات التي يصوغها كل حسب غايته ومنفعته الشخصية. اقبلي نفسك واصنعي منك امرأة قوية بحريتها وتحررها من الكماليات والقيود التي فرضوها على تعريف المرأة القوية الحرة الحديث، أنت تستحقين الحب والتقدير بكل ظروفك وإمكانياتك وميزاتك وعيوبك، وكم من النساء لا أحد يُعرف عنهن شيء، ولا يذكرهن التاريخ، ولا منصات التواصل الاجتماعي، وليس لهن نية أن يذكرن في المستقبل، ولكنهن نساء يدرك المرء بتعامله معهن أنهن حرات ملكات في حياتهن، أنت امرأة قوية حرّة، ملكة في حياتها، ومدارها الخاص.