بنفسج

كيف تُساعد القواعد والحدود الأم والطفل معاً؟

الإثنين 20 يونيو

من أحدّ أهمّ الأدوار التربوية التي ينبغي على المربّين القيام بها هي وضع الحدود والقواعد المناسبة ومشاركة الطفل بها، وكما يتردد على لسان الكثير من التربويين: " إن كانت مهمة الأم والأب وضع الحدود لأطفالهم فإن مهمة الأطفال اختبار هذه الحدود وتجاوزها" وهذه حقيقة فالأطفال لا يختبروا الحدود فحسب بل يختبروننا نحن من خلالها أيضاً.. يختبروا صبرنا وثباتنا والتزامنا، لذا من المهمّ أنّ نكون مُستعدّين لذلك عند وضع الحدود المناسبة لنا ولهم، وأن نُدرك أن الهدف من وضع الحدود والقواعد هو أن نُعلّم الطفل ونساعده لا أن نهدده ونُعاقبه ونفرض عليه سُلطتنا الوالدية.

| كيف يمكن للحدود أن تُساعدني مع طفلي؟

من أحدّ أهمّ الأدوار التربوية التي ينبغي على المربّين القيام بها هي وضع الحدود والقواعد المناسبة ومشاركة الطفل بها، وكما يتردد على لسان الكثير من التربويين: " إن كانت مهمة الأم والأب وضع الحدود لأطفالهم فإن مهمة الأطفال اختبار هذه الحدود وتجاوزها" وهذه حقيقة فالأطفال لا يختبروا الحدود فحسب بل يختبروننا نحن من خلالها أيضاً.
 
يُفضّل أن تكون الحدود والقواعد مُحددة وغير عامّة ومُطلَقة كما لا يُفضّل وضع الكثير من القواعد والحدود للطفل في وقت واحد تحديداً في البداية حيث يُمكن البدء بثلاث قواعد والزيادة عليها لاحقاً ، وذلك لأن الطفل يحتاج وقتاً لفهم الحدود واختبارها والتعوّد عليها ليستطيع الالتزام بها، ، كما ويُمكنك مُشاركة طفلك في وضع القواعد والحدود والتي تمنحه الشعور بالمسؤولية والثقة وتزيد من التزامه بما هو متوقّع منه.

يُمكن للحدود أن تُساعد في حلّ الصراعات العائلية وتجاوز التحديات التربوية المتكررة بين المربّي والطفل وتُساهم في تنظيم الكثير من المهامّ والأدوار المنزلية، ومن هنا نذكر لكم أهمّية وضع الحدود والقواعد مع الأطفال:

| أـمان وحب: حدود والقواعد مهمة ليشعر الطفل بالأمان والحبّ والحماية ويُدرك بأنّ هناك من يهتمّ لأجله.

| إدراك وبناء شخصية الطفل: الحدود تُساعد الطفل ليدرك ما هو مقبول وما هو غير مقبول في البيت أو خارج البيت. وتًساعد في بناء شخصية قوية للطفل.

| تعليم المهارات: الحدود تُعلّم الطفل الكثير من المهارات الحياتية اللازمة له.

| سلامة وثقة بالنفس: الحدود مهمّة لصحة الطفل وسلامته العامة. وتمنح الطفل المسؤولية والثقة والقدرة على التحمّل وضبط النفس.

| علاقة جيدة: الحدود تُؤسس لعلاقة والدية إيجابية وصحّية من خلال الحزم والحنان.

| ماذا أفعل لو رفض طفلي الحدود والقواعد؟

inbound4432572734640308494.webp
من المهم احترام مشاعر الطفل وإقرارها في الأوقات الصعبة

في البداية يجب أن نكون على دراية بأنّ الأطفال عامّة لا يفضّلوا الحدود والقواعد المُلزمة لهم، لأنها تحدّ من رغباتهم فهم يريدون فعل ما يشاؤون وقتما يشاؤون. وإنّ من المُتوقّع بل من الطبيعي أن يُصاحب وضع الحدود مشاعر صعبة وانفعالات ونوبات غضب من بكاء وصراخ وغيرها.. وهذا ليس شيئاً سيئاً بل يعتبر مؤشراً جيداً على أن الطفل بدأ يتعوّد ويتقبّل الحدود والقواعد. لكن هناك ثلاثة أمور لا بُدّ من القيام بها في هذه الحالات:

| أولاً: احترام مشاعر الطفل: من المهمّ احترام مشاعر الطفل وإقرارها في الأوقات الصعبة، إفدراكنا أنّ الطفل بدأ يتكيّف مع الحدود والقواعد لا يعني إهمال مشاعر الطفل وتجاوزها. مثال: "أعرف أنك منزعج لأنّه أخذ القلم بدون استئذانك!" كما أن التواصل مع الطفل واحترام مشاعره هو مفتاح لتهدئة الطفل في الأوقات الصعبة وبداية للتعاون معك.

| ثانياً: قول الحدود بوضوح واختصار وحَزم: كلّما كانت الحدود واضحة ومحددة كلّما ساعدت الطفل على التعاون والالتزام.
مثال: "لكن نحن اتفقنا.. الضرب غير مسموح".

| ثالثاً: ذِكر السلوك المقبول: ذِكر السلوك المقبول مقابل السلوك غير المقبول هو بمثابة إعطاء بدائل للطفل ليعبّر عن مشاعره ورغباته الحقيقية تجاه الشخص أو الموقف. مثال: "بإمكانك أن تقول لي أنه أخذ قلمك من دون استئذان" / "بإمكانك أن تتصرّف بطريقة أخرى غير الضرب".

| كيف يُمكنني وضع حدود فعّالة مع طفلي؟

صحيح أن الحدود يجب أن تتّصف بالحزم ولكن يجب أن تتّصف بالمرونة والمُتعة والمرح أيضاً.. ليست الهدف من الحدود والقواعد أن نًصعّب المهمة علينا وعلى أطفالنا بل وجدت الحدود لتُساعدنا وأطفالنا، التعامل بعلقية الحدود أولاً يُلغي المرونة ويُصعّب علينا تقبّل التغيّرات التي تطرأ علينا وعلى أطفالنا، بينما لو تعاملنا بعقلية الطفل أولاً فسيسهل علينا التعامل مع المواقف المختلفة والتغييرات المختلفة.

تتّصف الحدود الفعالة بمجموعة من الصفات نذكر لكم أبرزها:

| أولاً: الوضوح:  لا بدّ أن تكون الحدود واضحة ومفهومة ومناسبة لعُمر الطفل وإدراكه.

| ثانياً: التحديد:  يُفضّل أن تكون الحدود والقواعد مُحددة وغير عامّة ومُطلَقة كما لا يُفضّل وضع الكثير من القواعد والحدود للطفل في وقت واحد تحديداً في البداية حيث يُمكن البدء بثلاث قواعد والزيادة عليها لاحقاً ، وذلك لأن الطفل يحتاج وقتاً لفهم الحدود واختبارها والتعوّد عليها ليستطيع الالتزام بها، كما ويُمكنك مُشاركة طفلك في وضع القواعد والحدود والتي تمنحه الشعور بالمسؤولية والثقة وتزيد من التزامه بما هو متوقّع منه.

| ثالثاً: الواقعية:  لا ترفع من توقّعاتك عند وضع الحدود وتجنّب المثالية فلا يُمكن أن تكون القاعدة بهذا الشكل (لا نأكل الحلوى أبداً/ لا نُشاهد التلفاز أبداً) ببساطة لأنّ الطفل لن يلتزم بذلك لأن الحدود مثالية بهذا الشكل، فواقع الأطفال مليء بالحلويات والشاشات ولا يُمكن منع الطفل من ذلك باسم "الحدود والقواعد" لأنّه تحوّل إلى "حرمان" وعزل للطفل عن واقعه، لكن يُمكن تقنين ذلك وتحديده باستخدام حدود واضحة ومحددة وواقعيّة.


اقرأ أيضًا: أبنائي والكارت السحري: كيف يكون حب المال أخلاقيًا؟


| رابعاً: المنطقية: تكون الحدود منطقية عندما تكون مناسبة لمرحلة الطفل العمرية وقدراته وتكون قابلة للتنفيذ ويُمكن للطفل الالتزام بها، فمثلاً من غير المنطقي أن نضع قاعدة للطفل في عُمر السنة والنصف أن يُرتّب سريره بنفسه لأنه ما زال في طور النمو والتعلّم ولا يتناسب ذلك مع مرحلته العمرية، أو من غير المنطقي أن نطلب من الطفل أن يحلّ واجباته المدرسية فور عودته من المدرسة فهو بحاجة إلى وقت للراحة واللعب.

| خامساً: الاستمرارية والالتزام:  دائماً ما أقول: إذا كًنّا نحن مُستعدّين للمتابعة والالتزام بالحدود والقواعد أولاً فإنّ أطفالنا سيكونون مستعدّين للتعاون والالتزام لاحقاً، ولا بدّ من تكرار القواعد وتذكير الطفل بها بين فترة وأخرى ويُمكن تصميم بطاقات للقواعد ووضعها في البيت أو طباعة لوحة فيها جميع القواعد العائلية ويُمكن أن نُطلق عليها اسم "دستور العائلة"، وجود حدود وقواعد عائلية يعني الالتزام بها من قبل الجميع ووضع عواقب وتوضيحها لمن لا يلتزم.

سادساً: الحزم: في الحزم يجب أن يعرف الطفل أن هناك أمور لا يُمكن التساهل بها وقد نرفضها وهناك أمور تحتاج لموافقة قبل أن نفعلها، تحديداً في الأمور المُتعلّقة بالصحة والسلامة العامة ومنظومة القيم والأخلاق. ولا بُدّ أن يُدرك الطفل أنّ الأمّ تعني ما تقول، لأن الحدود بدون الحزم تفقد جدواها ومعناها.

inbound3547266175018354517.webp
وضع الحدود لا يعني انتهاء الصراعات واختفاء التحديات بل يعني تقنينها وتقليله

| سابعاً: المرونة: صحيح أن الحدود يجب أن تتّصف بالحزم ولكن يجب أن تتّصف بالمرونة والمُتعة والمرح أيضاً.. ليست الهدف من الحدود والقواعد أن نًصعّب المهمة علينا وعلى أطفالنا بل وجدت الحدود لتُساعدنا وأطفالنا، التعامل بعلقية الحدود أولاً يُلغي المرونة ويُصعّب علينا تقبّل التغيّرات التي تطرأ علينا وعلى أطفالنا، بينما لو تعاملنا بعقلية الطفل أولاً فسيسهل علينا التعامل مع المواقف المختلفة والتغييرات المختلفة والبيئات المختلفة، فالقانون الذي وضعته مع طفلي في بيئة معينة قد لا يُناسب بيئة غيرها.

لذا نجد أنّ بعض الأمكنة والأزمنة قد تُشكّل تحدّياً أمام الحدود والقواعد المنزلية والتي يُمكن أن نعتبرها استثناءاً في بعض الأحيان،مثل الذهاب إلى بيت الجدّ والجدّة أو الذهاب إلى حفلة عيد ميلاد لصديق وحتى بعض الحدود والقواعد تتأثر بأوقات العُطل الصيفية والأعياد والمناسبات العائلية وغيرها.. وهنا يُمكننا أن نلجأ للمرونة وأن نطوّع أو نغيّر بالقواعد بالشكل الذي يُناسب ظروفنا الحالية.

| ثامناً: الإيجابية:  يُمكن للغة التربوية التي نستخدمها مع أطفالنا أن تكون سلبية فُتشعرهم بالإجبار والتهديد ولا تُشجّع على الالتزام بالذات لو تم |استخدامها بشكل متكرر ودائم. مثال: "لا ترمي الألعاب". أو أن تكون اللغة إيجابية تُشعرهم بالاحترام فتُشجّع على التعاون والالتزام. مثال: "نضع الألعاب في الصندوق" / "نُعيد الألعاب لمكانها المُخصص عن الانتهاء من اللعب".

أُحبّ أن أختم المقال بهذه الكلمات التي ستُساعدنا أكثر.. في البداية سيكون الأمر صعباً ومُتعباً لكن بعد ذلك ستتحول هذه الحدود إلى عادات وممارسات يومية في حياة طفلك وسيكون لها أثراً إيجابياً وملموساً عليه وعلى العائلة. وضع الحدود والقواعد مع طفلك لا يعني أنه سيلتزم بها تماماً وبشكل دائم.. ولا يعني أنه سيصبح طفلاً مثالياً لا يختبر الحدود ولا يتجاوزها.. لأنه طفل بكل بساطة! وضع الحدود لا يعني انتهاء الصراعات واختفاء التحديات بل يعني تقنينها وتقليلها! وضع الحدود هو خطوة لعلاقة قوية وتنشئة صحّية وطفولة سويّة وآمنة.