بنفسج

الاعتكاف في المسجد الأقصى... رباط وجهاد وحياة

الأربعاء 12 ابريل

ينتظر المسلمون شهر رمضان المبارك من العام إلى العام، بكل شوق وحب، كبارًا وصغارًا، يعدون الأيام حتى يهل عليهم ببركاته وخيراته وأجوائه المفعمة بالروحانيات والاطمئنان والسكينة، وترى كل دولة تحتفي بهذا الشهر الفضيل بشكل مختلف، وتجده يتميز في مكان عن الآخر خصوصًا إن كان للمكان قدسية دينية، مثل مكة المكرمة قبلة المسلمين، أو المدينة المنورة حيث يرقد الحبيب صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى المبارك، الذي يعيش فيه الصائمون أجواء لا تتشابه مع غيرها لاستثنائية ظروفه وأحوال أهله.

الاعتكاف في الأقصى برمضان

الاعتكاف.jpg
الاعتكاف في المسجد الأقصى

الفلسطينيون ينتظرون رمضان لسببين؛ مرة لأجل رمضان ومرة لأجل المسجد الأقصى الذي لا يتاح لهم الاعتكاف فيه إلا في رمضان، مع فرض الإحتلال لأصناف لا تنتهي من التشديدات والتضيقات والمنغصات   ،  ففي الأيام العادية لا يتاح للفلسطينين من غير أهل القدس والداخل المحتل زيارة المسجد الأقصى إلا عبر إصدار تصريح دخول من جانب الإحتلال الإسرائيلي ، وهذا ليس سهلًا البتة، بل وشبه مستحيل، وحتى أهل الداخل المحتل والمقدسيون لا يستطيعون الاعتكاف فيه، فبعد انقضاء صلاة العشاء يفرغ المسجد الأقصى كاملًا إلا من حراسه ليظل وحيدًا حزينًا، ناهيك عن تدنيسه خلال ساعات النهار عبر اقتحام المستوطنين له بحماية عسكرية.

لذلك يطل رمضان كأعظم فرصة للفلسطينيين للإجتماع بمحبوبهم، وقضاء رمضان في كنفه، محققين في ذلك أكثر من عبادة في آن واحد من إعمار المسجد الاقصى، ودفع الأذى عنه والرباط فيه، والتبتل والتعبد في محرابه، حيث الأجر مضاعف.


اقرأ أيضًا: مُنتهى أمارة: شعلة الرباط في المسجد الأقصى


يفتح الإحتلال حواجزه في رمضان أمام الفلسطينيين مع كل يوم جمعة بشروط صارمة، فلا يسمح للرجال دون سن ٦٠ من العبور، إنما كبار السن فقط، في حين يسمح للنساء من كافة الأعمار بالعبور، ليظهر دور المرأة الفلسطينية في سد الفراغ الذي يحاول الإحتلال فرضه ، معمرة للمسجد الاقصى ومرابطة فيه عن سبق حب وشوق وإخلاص، رغم مشاق الطريق ومخاطر الاعتكاف.

بديعة بريجية: من ذاق عرف

بديعة بريجية، هي شابة من بيت لحم، معلمة قرآن وصاحبة مكتبة. شغفت المسجد الأقصى حبًا منذ نعومة أظافرها عن علم وفهم وعقيدة راسخة، وكانت تنتظر أي فرصة لها حتى تزوره، وعندما فتح باب الاعتكاف لم تتردد بديعة لحظة عن البقاء في المسجد الأقصى، مجافية بيتها وراحتها وسريرها الدافئ ولمة عائلتها على سفرة رمضان، لأنها في مكان أجمل لا يضاهيه شيء في الحياة، وكل راحة الدنيا لا تعادل ساعة فيه.
 
 فتقول: "الاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك له فضل وبركة عظيمة، ومن ذاق عرف، فيه روحانيات وأجواء من الصعب أن أجدها في أي مكان، فالوصول إليه لم يكن سهلًا ميسرًا، بل كان جهادًا عظيمًا يستحق كل ما نبذله في سبيل الوصول إليه، والصلاة فيه والرباط في ساحاته".

كان لبنفسج حوار مع ثلاث من الفلسطينيات ليخبرننا عن رحلة اعتكافهن، لماذا يعتكفن؟ وكيف يمضي الاعتكاف؟ وكيف ينتهي؟

دعونا نبدأ مع بديعة بريجية، وهي شابة من بيت لحم، معلمة قرآن وصاحبة مكتبة. شغفت المسجد الأقصى حبًا منذ نعومة أظافرها عن علم وفهم وعقيدة راسخة، وكانت تنتظر أي فرصة لها حتى تزوره، وعندما فتح باب الاعتكاف لم تتردد بديعة لحظة عن البقاء في المسجد الأقصى، مجافية بيتها وراحتها وسريرها الدافئ ولمة عائلتها على سفرة رمضان، لأنها في مكان أجمل لا يضاهيه شيء في الحياة، وكل راحة الدنيا لا تعادل ساعة فيه.

 فتقول: "الاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك له فضل وبركة عظيمة، ومن ذاق عرف، فيه روحانيات وأجواء من الصعب أن أجدها في أي مكان، فالوصول إليه لم يكن سهلًا ميسرًا، بل كان جهادًا عظيمًا يستحق كل ما نبذله في سبيل الوصول إليه، والصلاة فيه والرباط في ساحاته".

كان أول اعتكاف لبديعة عام 2008، ولم تنقطع من يومها عن الاعتكاف في كل رمضان إلا في العام الذي جاءت فيه كورونا ومنعت من الذهاب قصرًا. عندما سألنا بديعة عن كيف تعيش وقتها أثناء الاعتكاف؟ وأجمل شيء فيه؟ ضحكت، فكل شيء في الأقصى جميل، من صلاة وقيام وصيام حتى التعب له لذة، ناهيك عن الرباط والوقوف بوجه الإحتلال مع كل اقتحام، وما يزيد من روعة المكان الصحبة الصالحة التي لم يجمعها إلا حب الأقصى، وهل لقلوب التقت في الأقصى أن يغيب عنها الحب !

بنان شريدة: رمضان يعني الأقصى

 بنان الشريدة التي كان اعتكافها في القدس صدفة سبقتها حب دفين، فقد توجهت عام 2018 لمدينة أبو ديس لتدرس الطب في جامعتها، ومن هناك كانت انطلاقة بنان لما هو أكثر من طلب العلم.

تقول : "أبو ديس جزء لا يتجزأ من القدس، ولكن جدار الفصل الاستيطاني أقصاها خارج حدود القدس، بالتالي أكون جالسة في السكن الجامعي، أرى الأقصى يلوح في الأفق والذهبية تلمع، وتعطي أمل في قلبك مع كل لمعة، المسافة الفعلية إلى هناك 5 دقائق بالسيارة، أما المسافة في هذا الوقت فهي تصاريح وحواجز وباص، وحقد جندي يقف على المعبر. كانت صديقاتي اللواتي هن أكبر سنًا بالسكن معتادات، يخرجن ويعتكفن، فالحمد لله رب العالمين شاركتهن منذ سنتي الأولى واعتكفت ليلتين فقط، التجربة غير، وصار رمضان يعني الأقصى والأقصى يعني رمضان".

بنان الشريدة التي كان اعتكافها في القدس صدفة سبقتها حب دفين، فقد توجهت عام 2018 لمدينة أبو ديس لتدرس الطب في جامعتها، ومن هناك كانت انطلاقة بنان لما هو أكثر من طلب العلم.

تقول : "أبو ديس جزء لا يتجزأ من القدس، ولكن جدار الفصل الاستيطاني أقصاها خارج حدود القدس، بالتالي أكون جالسة في السكن الجامعي، أرى الأقصى يلوح في الأفق والذهبية تلمع، وتعطي أمل في قلبك مع كل لمعة، المسافة الفعلية إلى هناك 5 دقائق بالسيارة، أما المسافة في هذا الوقت فهي تصاريح وحواجز وباص، وحقد جندي يقف على المعبر. كانت صديقاتي اللواتي هن أكبر سنًا بالسكن معتادات، يخرجن ويعتكفن، فالحمد لله رب العالمين شاركتهن منذ سنتي الأولى واعتكفت ليلتين فقط، التجربة غير، وصار رمضان يعني الأقصى والأقصى يعني رمضان".

"هو في مثل الاعتكاف بالأقصى؟ في مثل الأذان بصوت الدويك؟ والتراويح بتلاوة ندية من القلقيلي والعباسي؟ في مثل صحبة من ريح الجنة تاركة الدنيا وهابة لإعمار الأقصى؟ في مثل جولة للمعالم ورحلة بين الآيات مع أبو الحسن محمد الجلاد؟ في مثل دروس الاعتكاف على مصطبة المرواني؟

أصبحت بنان تنتظر رمضان من العام إلى العام لتجتمع بالأقصى، ويجتمع هو بأحبابه، فقد وجدت هناك طالبة الطب شيئًا لن يجده الإنسان في أي مكان، فتقول: "من يدخل الأقصى يرمي الدنيا وراء ظهره، وهذا الشعور قرأت عنه ذات مرة، ولكن لم أفهمه حتى جربت، ففي كل مرة الإنسان يدخل الأقصى يرمي الدنيا وتبعاتها وأي شيء يشغل فكره عند باب الكريم، وكل جوارحه تكون نية رباط.. ومراغمة.. يوم في سبيل الله.. يزاحم مستوطن بمساحة أمنعه منها لوجودي هناك".

في اعتكاف المسجد الأقصى تفاصيل لا مثيل لها في أي مكان، فتقول بنان: "هو في مثل الاعتكاف بالأقصى؟ في مثل الأذان بصوت الدويك؟ والتراويح بتلاوة ندية من القلقيلي والعباسي؟ في مثل صحبة من ريح الجنة تاركة الدنيا وهابة لإعمار الأقصى؟ في مثل جولة للمعالم ورحلة بين الآيات مع أبو الحسن محمد الجلاد؟ في مثل دروس الاعتكاف على مصطبة المرواني؟ في مثل جلسات الذكر وحلق التلاوة وجلسات التجلّي والنشيد؟".

شدوا رحال الاعتكاف

1-18.jpg
حلقات الذكر والاعتكاف في المسجد الأقصى

تضيف بنان: "صدقًا اليوم في الأقصى هو يوم غير عن اليوم العادي، حقًّا بركة الأقصى تُصب علينا صبًّا، بإنجازنا واستغلالنا لأوقاتنا، نجد في أنفسنا تطبيقاً حرفياً لآية "فإذا فرغت فانصب"، فمن خير إلى خير، من ترتيب ومساعدة للسدنة، إلى حلقات العلم والدروس، إلى جولات في الأقصى للعب مع الأطفال وتحبيبهم بالمكان، إلى تجهيز موائد الإفطار، فعليًّا لا يوجد دقيقة تضيع هباءً في جنبات الأقصى".

فرصة الاعتكاف فرصة لا تحظى بها النساء في فلسطين بسهولة، فكثير من الفتيات يرفض أهلهن إرسالهن للاعتكاف لأسباب عديدة، والنتيجة تقليل سواد المسلمين والمسلمات في المسجد الأقصى ولسان حالهم يقول "صلاة المرأة في بيتها أفضل، متناسيين حديث "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله". وفي هذا الصدد تقول بنان: "في سبيل إقناع الأهل بموضوع الاعتكاف، نذكّرهم باعتكاف السيدة مريم، عندما وهبها والدها لله جل وعلا لتقوم بخدمة الأقصى. كلنا على خطى مريم وكلنا في سبيل الله، يمكن أن يتذرع الأهل بعدم الأمان، ولكنها، والله، البقعة الوحيدة الحرة هي ساحات الأقصى شعور بأمن رباني وتثبيت، نساء وبنات مؤنسات ومعينات على كل صعب".


اقرأ أيضًا: أٌمُّنا عايدة الصِّيداوي: جارة الأقصى حين أُبعدت عنه


بالعودة إلى بديعة بريجية، إذ تشدد على ذات الفكرة التي أخبرتنا عنها بنان، وتوجه رسالة لكل ولي أمر: "لماذا تمنع البركة عن أهلك؟ بركة الزمان والمكان والأبدان ، فالمسجد الأقصى المبارك هو وصية رسول الله، للصلاة فيه فضل عظيم قد خصك الله وأهلك بالفضل وجعلكم من أهل أرض الرباط، فلا تدع فرصة الاعتكاف تفوتكم مع أهل بيتك ، وإن منعتكم الظروف لا تمنعوا بناتكم ونساءكم، فأنت على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك".

دعاء عصافرة: الاعتكاف برفقة الأبناء

دعاء أم لأربع أبناء، أكبرهم 10 أعوام وأصغرهم عامين تصطحبهم كل عام للاعتكاف في المسجد الاقصى، دعاء التي كانت تعتكف وهي عزباء، عاهدت نفسها، وفي ما بعد شريك دربها، أن يظلوا مواظبين على الاعتكاف الرمضاني في المسجد الأقصى، فتقول: "بدأت رحلة الاعتكاف في المسجد الأقصى منذ كنت في الجامعة وتحديدًا عام 2009، حيث كنت في كل عام في العشر الأواخر من رمضان، أذهب وأقضي ما شاء الله لي من هذه العشر."
 
تكمل "تزوجت في عام 2011 وفي عام 2012 أصبحت أمًا ورافقتني ابنتي البكر فاطمة للاعتكاف، وكان عمرها آنذاك واحدًا وعشرين يومًا فقط. قضينا ستة أيام في المسجد الأقصى، وفي كل عام كان يزيد عدد أبنائي". تضيف: "أصطحب أبنائي للاعتكاف كي يتشربوا حب المسجد الأقصى، وليعلموا أنه جزء راسخ من عقيدتنا، كما أن الروحانيات التي تغمر المكان هناك تكون زادًا لي ولهم لتحيي قلوبنا طوال العام".

وبالتطرق لهذا الجانب لا بد من الحديث عن مثال عظيم يحتذى به في قضية اعتكاف الأسرة كاملة في المسجد الأقصى، وإن غاب رب الأسرة دعم وشجع وأعان زوجته للالتحاق بهذا الركب العظيم.

أتحدث عن دعاء عصافرة أم مهند التي تسنى لنا الحديث معها، دعاء أم لأربع أبناء، أكبرهم 10 أعوام وأصغرهم عامين تصطحبهم كل عام للاعتكاف في المسجد الاقصى، دعاء التي كانت تعتكف وهي عزباء، عاهدت نفسها، وفي ما بعد شريك دربها، أن يظلوا مواظبين على الاعتكاف الرمضاني في المسجد الأقصى، فتقول: "بدأت رحلة الاعتكاف في المسجد الأقصى منذ كنت في الجامعة وتحديدًا عام 2009، حيث كنت في كل عام في العشر الأواخر من رمضان، أذهب وأقضي ما شاء الله لي من هذه العشر".

3-7.jpg
أبناء المعتكفة دعاء عصافرة في المسجد الأقصى

تكمل "تزوجت في عام 2011 وفي عام 2012 أصبحت أمًا ورافقتني ابنتي البكر فاطمة للاعتكاف، وكان عمرها آنذاك واحدًا وعشرين يومًا فقط. قضينا ستة أيام في المسجد الأقصى، وفي كل عام كان يزيد عدد أبنائي". تضيف: "أصطحب أبنائي للاعتكاف كي يتشربوا حب المسجد الأقصى، وليعلموا أنه جزء راسخ من عقيدتنا، كما أن الروحانيات التي تغمر المكان هناك تكون زادًا لي ولهم لتحي قلوبنا طوال العام".

وقد تحقق السبب الذي رجته أم مهند من اصطحابها أبنائها منذ أول اعتكاف، فاليوم يعد أطفال دعاء الأيام عدًا حتى قدوم وقت الاعتكاف، ويعرفون الأقصى كما يعرفون بيتهم، ويبكون بحرقة كمتصوف كبير يترك محرابه عند نهاية الاعتكاف رغم ما يمرون به من مشاق كأطفال، وفي هذا الصدد تقول دعاء: "من الصعاب التي تمر بنا هو عدم توفر طعام مناسب للأطفال في فترة الصباح، وعدم وجود مكان للنوم في فترة الصباح للنساء، وصعوبة ضبط الأطفال أحيانًا في هذا الفضاء الواسع، ولكن أعتبر هذه الأمور بسيطة ويمكن تجاوزها عبر ترتيب أنشطة للأطفال خلال الاعتكاف، وربطها بجوائز ومكافآت والاحتفاظ بطعام الإفطار بشكل مناسب لصباح اليوم التالي، ليظل أصعب عائق هو انتقادات الناس وهدمهم للهمم".

روح التعاون في رحاب القدس

2-10.jpg
لقطات من المسجد الاقصى التقتطهم بديعة بريجية

في الكواليس هناك دومًا البطل الذي يقف خلف كل نجاح لتنقلب الآية هنا، فوراء دعاء كان رجل عظيم أعان وشجع لنجاح هذا الاعتكاف، فإما يرافقها ويتقاسمها المسؤولية أو تحول الظروف دون وصوله ليكون محفزًا وداعمًا بكل ما أمكن.

بالعودة للعصوبات؛ فالاعتكاف بحاجة لجهد وقوة جسدية ونفسية، فكيف الحال إن كان في الأقصى القابع تحت الاحتلال، مما جعل هذا المسجد يتأخر في مرافقه عن الحرمين النبوي والمكي ، و في هذا السياق تقول بنان: "شعارنا في الاعتكاف "اخشوشنوا" ليس فيه ترف أو راحة، ولكن كل هذا التعب لذيذ، وهذا أصلًا أثّر على شخصيات المعتكفات، فصرن أكثر مرونة، وتعمّق شعور الرضا وحمد النعم الموجودة بحياتنا اليومية". وتضيف بديعة على كلامها: "المسجد الأقصى مسجد مبارك تصيب بركته كل من يكون بداخله، فخلال اعتكافي يبارك الله في قوتي وصبري، فأكون أكثر جلدًا على الصعاب من الأيام العادية، عدا أن كل صعب يهون في الأقصى ولأجله".

المسجد الأقصى يلم شمل فلسطين التي قطع الاحتلال أوصالها ويؤاخي بين الناس ويوطد علاقتهم، جاعلًا منهم إخوة بعهد الله والمسجد الاقصى، فتقول الشريدة: "أجمل شيء بالاعتكاف، صحبة الاعتكاف، فكرة الاعتكاف المذهلة بأنها عبادة جامعة بتجمع كل أهل فلسطين من نهرها لبحرها من شمالها لجنوبها، والذي يجمعكم حب الأقصى ، فالقيود اللي يضعها الاحتلال  على جميع مساحة فلسطين التاريخية وطوال أيم السنة تجعل من الصعب التقاء كل هذا التنوع المعرفي والثقافي والمكاني في مكان واحد. "ناس ما بيربطك فيهم أي أدنى معرفة، ولكن بفضل الله بتصيروا أخوات بالله وبتعينوا بعض على ارتقاء همتكم طول السنة مش بس بالاعتكاف، بتتعلم من كل حدا فيهم شيء جميل وجديد برافقك وبكونلهم الفضل فيه".


اقرأ أيضًا: المرابطة رائدة سعيد ونفَسٌ لا يملّ جوار الأقصى


وتضيف بريجة على كلامها: " كنت أذهب مع أهل مدينتي للاعتكاف لأجد نفسي اليوم لي أخوات من كل فلسطين، فيصبح أحد أسباب انتظاري للاعتكاف أن أجتمع بهن، ففي جلساتهن تجد روح الأخوة وروح التعاون، تجد الجميع على قلب متحدين كالجسد الواحد لا يفرقون ولا يتأخرون عن معونة بعضهم البعض".

تمضي الأيام سريعة كأنها دقائق لحظة انقضاء رمضان، ليقف المعتكفين مودعين الأقصى بالدموع والحسرة والعجز عن البقاء فيه أكثر، فتقول بنان الشريدة: "قصة اعتكافنا بالأقصى مختزلة بدمعتين، الدمعة الأولى تنزل عندما نرى مسجدنا بعد حرمان سنة كاملة، والدمعة الأخيرة التي نودع فيها قلوبنا اللي تركناها في الأقصى، وما بين الدمعتين حكايات لا تنتهي، ننسجها كل سنة مهما كانت الظروف والمصاعب. وفي يوم التحرير لن يكون هناك دموع للوداع، ولن نركض لنلحق الباص الأخير ليوصلنا بيوتنا قبل انقطاعها.. يوم التحرير لن تغلق الأبواب، ولن نبرح المسجد، يرونه بعيدًا ونراه قريبً".