"جنة جنة جنة.. جنة يا وطنا.. يا وطن يا حبيب.. يا أبو تراب الطيب".. وأنت تنظر لكل زاوية في البلاد تظل تردد جنة يا وطنا، تفخر بوجود أماكن أثرية في فلسطين، تُحدث القاصي والداني عن تاريخ كل مكان؛ فتبدأ بالعصر البيزنطي ثم الماليك وتنتقل حتى تصل لصلاح الدين، تغوص في تفاصيل المكان وعمارته التي تبدو فعليًا بأنها من الآثار؛ فهي الشاهدة على الأحقية، ومهما حاول الاحتلال طمس المعالم، تظل أماكننا التي تعد أكبر من عمر الاحتلال واقفة بالمرصاد لهم تذكرهم بصاحب الأرض.
جامع الخضراء
لم يكن جامع الخضراء إلا شاهدًا من الشواهد التاريخية على الأصالة الفلسطينية؛ فهو من ضمن أأماكن أثرية في فلسطين عريقة، يُهدم على مر العصور ثم يُعاد بناؤه؛ فيقف شامخًا من جديد، لتشهد جدرانه على التاريخ الفلسطيني. هو من أقدم المساجد في فلسطين، عمره آلاف السنين، هُدم على يد الصليبيين ثم الاحتلال الإسرائيلي، ولكن أُعيد بناؤه فظل ينير حارة الياسمينة في نابلس بقبته الخضراء الجذابة.
لنعود في التاريخ قليلًا، جامع الخضراء تعود أصوله للعصر الحجري الحديث، وفي بداية الفتح الإسلامي لم يكن المكان مشيدًا كما ينبغي، فبُني المسجد وسُمي الخضراء، في عهد الخليفة المعتصم. وعن سبب تسميته اللافت للنظر، يُقال إنه سُمي كذلك نظرًا لكثرة الأشجار في محيطه. إن جامع الخضراء يضم مساحة للصلاة تبلغ حوالي 300 متر مربع، وفي باحة الجامع بركة ماء منحت المكان جمالية.
أما عن باحة الصلاة، فهي مستطيلة الشكل، يبلغ محيطها الخارجي 22 مترًا، وعرضها 11 مترًا، ويتكون سقف المكان من ثلاثة قباب، تتدلى منه العقود لتمنحه شكلًا فريدًا، ويكتمل جماله بأبواب المسجد الخشبية المزخرفة. وفي الجهة الجنوبية الغربية مكان منفصل، ترجح الروايات أنه المكان الذي حزن فيه سيدنا يعقوب على ابنه يوسف لذلك اشتهر باسم "جامع حزن يعقوب".
يُذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الاجتياح لمدينة نابلس في العام 2002 هدمت الجدار الغربي للجامع، ولكنه شُيد من جديد في العام 2004 وبناء بركة رخامية في باحاته. حاول الاحتلال الإسرائيلي على مر التاريخ فرض هيمنته على المكان، فكانت شركات سياحية إسرائيلية في العام 1975 تنظم رحلات إلى "غار حزن يعقوب" كما يُسمى، واتسع الأمر في ما بعد؛ إذ نفذوا عمليات حفرية أثرية في العام 1985، وبقي على هذا الحال لعامين.
اقرأ أيضًا: مآذن القدس.. عمارة تفوح بعبق التاريخ الإسلامي
وعلى الرغم من محاولات الاحتلال السيطرة عليه، إلا إن الحجارة فيه تنطق بالأصالة الإسلامية. زار جامع الخضراء العديد من السياح؛ فأبدوا إعجابهم بروعة المكان وجماله، فقال عنه الرحالة عبد الغني النابلسي: "جامعٌ قديم البنيان، متهدم الجوانب والأركان، فيه بركة ماء كبيرة، ذات الطول والعرض مربعة الجوانب، والأركان مساوية للأرض، والماء يجري فيها من أفواه سواقيها، وحولها الأشجار والبساتين والأزهار والرياحين، وقبل البركة مسجد للصلوات فيه محراب، وسقفه معقود من الأحجار، وفي الداخل مغارة، يقُال إن النبيّ يعقوب كان مقيمًا فيها، وأن المسجد كله كان بيتًا له".
خان التجار "السوق المعتم"
وأنت تمشي في أزقته تشعر وكأنك في الحقبة العثمانية التي لطالما قرأت عنها، وعن فن العمارة العثمانية التي اُشتهرت بالزخرفة والنقوش. خان التجار هو على رأس قائمة مدون بها "أماكن أثرية في فلسطين"، له قيمة تاريخية كبيرة لدى الفلسطينيين عامة وأهل نابلس خاصة، حيث يقصده الكل الفلسطيني للتسوق من المحال التجارية التي تفوح منها رائحة الماضي.
يعود تاريخ إنشاء خان التجار في جبل النار إلى العهد العثماني؛ إذ بناه الوزير العثماني قره مصطفى باشا عام 1563 على شاكلة سوق الحميدية في مدينة دمشق. لنأتي إلى شكل السوق الذي يتمتع بسقف على شاكلة أقواس، توجد فيها فتحات تدخل الشمس منها للإنارة، أما جدران الخان المشيد على الطراز الإسلامي تتزين بالنقوش العثمانية، فكان قديمًا يُقال عنه إنه "أفخر سوق للأقمشة في فلسطين".
اقرأ أيضًا: مجمع طبي جوهر نسيبة: لعلاج جرحى السيف والحب
توجد عدة أسواق مختصة داخل الخان كسوق البصل، الحدادين، سوق النجارين، سوق شارع النصر، إضافة إلى دكاكين الخان الصغيرة التي تبلغ مساحتها حوالي 20 مترًا. يقول أحد تجار الخان إن بجانب محله كان هناك حجر قديم منقوش عليه توقيع السلطان عبد الحميد الثاني، وقد تعرض للسرقة ولم يُعرف من وراء حادثة السرقة، ولكنها بالتأكيد محاولة لسرقة التاريخ وطمس معالم الخان.
المتحف الإسلامي
على مدّ البصر في تجد تاريخًا وحضارة قديمة، تحفًا أثرية، وأدواتًا من عصور سابقة، كل ما فيه من أبواب ونوافذ وجدران تسحبك بهدوء نحو الماضي، إلى فن العمارة البديع في كثير من أماكن أثرية في فلسطين أُسس المتحف الإسلامي منذ حوالي 100 عام في مبني تاريخي قرب باب المغاربة؛ ليجمع كل المخطوطات التاريخية والقطع الفنية الأثرية كلها، ويقع في الجهة الجنوبية الغربية من ساحة المسجد الأقصى، حيث تبلغ مساحته بالكامل 2000 متر مربع.
يضم في داخله الكثير من التحف والقطع الأثرية والمخطوطات، إضافة لما يقارب ألف وثيقة تخص الحياة الاجتماعية والاقتصادية خلال الحقبة المملوكية، وفيه مجموعة أختام نحاسية مهمة تعود إلى الفترة العثمانية.
ويحتوي على مجموعة كبيرة من المصاحف، إذ تُقدر ب 266 مصحفًا، منها مصحف قديم جدًا يعود إلى القرن الرابع للهجرة، مكتوب بالخط الكوفي، إضافة إلى المصحف المملوكي الذي أوقفه السلطان برسباي على قبة الصخرة.
اقرأ أيضًا: إرث عباسي في الرملة: ماذا تعرف عن بركة العنزية؟
ما قبل العام 1931، كان المسجد الأقصى يُضاء بواسطة عشرة آلاف من القناديل والأسرجة إلى أن اُستبدلت بالكهرباء، ويوجد بالمتحف الإسلامي قنديل أوقفه أمير الشام تنكز على مدرسته في القدس، ثم نُقل إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل، وفي نهاية المطاف استقر في المتحف الإسلامي في العام 1927.
نُقش على القنديل الزجاجي آية قرأنية من سورة التوبة: "إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر". ويُعد المتحف الإسلامي من الأماكن الأثرية في فلسطين التي تجسد أساسيات فن العمارة الإسلامية، بدءًا من النوافذ بالزجاج الملون والأبواب، والقاعات الداخلية.
أماكن أثرية في فلسطين: خان العمدان
شُيد خان العمدان في عام 1775 بقرار من أحمد باشا الجزار الذي تولى حكم عكا حتى 1804، ويتكون من طابقين، و40 غرفة قائمة على 8 أعمدة من الجرانيت، وترجح الروايات التاريخية أنه قد جلبها الجزار من مدينة قيسارية.
وبمجرد ذكر خان العمدان يتوارد للذهن برج الساعة في عكا، الذي بُني بعد 100 عام من تشييد الخان بمناسبة مرور 25 عامًا على تسّلُم السلطان عبد الحميد الثاني الحكم.
كان يتوافد إلى خان العمدان الذي يعد من ضمن أماكن أثرية في فلسطين، التجار، فيعدونه نقطة وصل مهمة لتنشيط التجارة في عكا، ولكنه فقد أهميته بعد تدمير ميناء عكا وإنشاء خط سكة الحديد حيفا ودرعا.
أضحى خان العمدان من المباني الأثرية القديمة في عكا، بعدما سيطرت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقوة عقب النكبة، وأخرجت سكانه الأصليين ونهبته عن عمد، واعتبرت الخان عبارة عن أملاك غائبين، ووضعته تحت سيطرة لجنة إسرائيلية منحتها حرية التصرف فيه.
شُيد خان العمدان في عام 1775 بقرار من أحمد باشا الجزار الذي تولى حكم عكا حتى 1804، ويتكون من طابقين، و40 غرفة قائمة على 8 أعمدة من الجرانيت، وترجح الروايات التاريخية أنه قد جلبها الجزار من مدينة قيسارية. وبمجرد ذكر خان العمدان يتوارد للذهن برج الساعة في عكا، الذي بُني بعد 100 عام من تشييد الخان بمناسبة مرور 25 عامًا على تسّلُم السلطان عبد الحميد الثاني الحكم.
اقرأ أيضًا: معصرة الجبريني للسمسم ... في القدس هوية وآصالة
كان يتوافد إلى خان العمدان الذي يعد من ضمن أماكن أثرية في فلسطين، التجار، فيعدونه نقطة وصل مهمة لتنشيط التجارة في عكا، ولكنه فقد أهميته بعد تدمير ميناء عكا وإنشاء خط سكة الحديد حيفا ودرعا.
خان العمدان من ضمن أماكن أثرية في فلسطين لم يبق بيد سكانه الأصليين، بل وقع بعد النكبة تحت السيطرة الإسرائيلة، ثم عام 1975 أجّرت اللجنة التي تحكم الخان المكان كله لشركة تطوير عكا الإسرائيلية لمدة 99 عامًا، وفي عام 2008 أعلنت عن مناقصة ليتغير هوية المكان وتحويله لفندق. وبعد سنوات حازت سلسلة فنادق "أورتشيد الإسرائيلية" بالمناقصة، على أن تحوله لفندق كبير ينضم إلى مجموعة فنادقها.