بنفسج

"روح".. حين تفكر نور خارج الصندوق

الأربعاء 16 سبتمبر

في قطاع غزة، نجحت نساء في افتتاح مشاريع خاصة، جعلتنا فخورين بهن، ونراهن "أيقونات" للتميز. بدأن طريقهن من اللاشيء وسطع نجمهن سريعًا في عالم الأعمال، الشابة نور الحرازين واحدة من تلك اللآتي تمردن على الواقع، فحققت هدفًا جميلًا في حياتها. أرادت أن تثبت نفسها في مشروعها الخاص فأنشأته قبل عامين لتحصد هذا النجاح الباهر. هنا نستعرض قصة نور "على لسانها" بكل لحظاتها من فرح ويأس ومنغصات ونصائحها لكل فتاة التي تلخصها في كلمتين؛ "لا تستسلمي أبدًا"!

أعتقد أن من يسمع بــ "روح" سيظن لوهلة أنه اسم عصري لطفلة، ولكن المفارقة أنه اسم مشروعي الذي يختص ببيع المنتجات التجميلية الطبيعية على مواقع التواصل الاجتماعي. أعمل في مجال المراسلة التلفزيونية ولكن شعوري بعدم الاستقرار الوظيفي في ظل المتغيرات السياسية دفعني لخوض غمار المشاريع الخاصة.

حصلت على بكالوريس اللغة الإنجليزية، وعلمت كمراسلة لقنوات أجنبية لإتقاني للإنجليزية، وبدأت مشروع "روح" قبل عامين. في بدايته، كان عبارة عن مجموعة نسوية لتبادل الخبرات وعقد النشاطات الاجتماعية والمسابقات، فأصبح لدي العديد من المعارف، حيث وصل عدد المتابعين إلى 80 ألف. أما صفحة البيع والشراء، فوصل عدد متابعيها إلى 15 ألف، فسعدت جدًا بهذا الإقبال.

| روح للتجميل

ث29.png

لم يقتصر عملي على بيع المنتجات للنساء فقط، بل امتد ليشمل بعض المحلات التجارية والصيدليات. أحرص على اقتناء المنتجات من المواد الطبيعية لتلبية رغبات السيدات، حيث أن أغلبهن يبحثن عن المنتج الخالي من الكيماويات. لكن لكل مشروع منغصات تقف في طريقه، ولكن بفضل الإرادة والإصرار أتخطى الحواجز، كالحصار المفروض على قطاع غزة، وعمليات التفتيش الدقيقة للبضائع التي تدخل إلى القطاع، حيث تعرضت أكثر من مرة لمصادرة المنتجات من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

كما أن عملية الشحن والتوصيل بحد ذاتها مكلفة جدًا، كل منتجات "روح" مستوردة من الأردن والضفة الغربية وبعض الدول الأوروبية، وأكون حريصة على اختيار المنتج الذي يلاقي طلبًا وإقبالًا، وفي نفس الوقت له فائدة. مشروع "روح" تأثر للغاية بالوضع الاقتصادي المتوتر كما كل المشاريع الصغيرة في قطاع غزة، حيث قلّت في الآونة الأخيرة عمليات البيع والشراء نظرًا للظروف المادية الصعبة التي يمر بها سكان غزة، مما اضطرني لتقليل كمية البضائع المستوردة.

تعلمت دومًا أن أكون صادقة عند عرض المنتجات، وهذا كان له دور كبير في زيادة الإقبال على "روح"، عند عرض صور منتج معين أوضح مكان المنشأ والسعر وبعض من فوائده، كما أنفرد ببعض البضائع التي لا توجد عند أي محل تجاري آخر. وحين اخترت اسم "روح" أردته أن يكون خفيفًا على السمع، وبسيطًا ليرسخ في عقول النساء، وفعلًا كما توقعت كان اسمًا لطيفًا نال إعجاب كل من سمع به.

وها أنا بعد مرور عامين على مشروعي أدعو كل الفتيات أن ينطلقن لتحقيق أحلامهن، ولا يرضخن للعوائق. وفي وقتنا هذا، يمكن الاستعانة بمنصات التواصل الاجتماعي للترويج لمشاريعهن بحرفية، وأن يحاولن مرة ومرات لتحقيق الهدف المرجو.

كل تجربة في حياتك تغنيك ببعض الثقافة، تعلمك أشياء لم يسبق لك التعرف عليها، هذا ما حدث معي، مشروع "روح" أثراني ثقافيًا ونفسيًا، علمني البحث في كل جديد في عالم التجميل، قرأت عن تركيبات مواد التجميل وفوائد الفيتامينات والمكملات الغذائية، لقد أخرجني من عالم الإعلام والسياسة الذي أعمل به إلى عالم آخر سعدت به.

أما عن منصات مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كان لها الدور الرئيسي والكامل في نجاح المشروع وشهرته، حيث تعد الدعاية عبرها فعالة للغاية كونها تصل لأكبر قدر من الجمهور. ولم تكن عملية توصيل المنتج صعبة بالنسبة لي، حيث أضع بضاعتي للزبائن في محل للتصميم التابع لزوجي، أو أرسله عبر إحدى خدمات التوصيل المتوفرة.

لا نستطيع أن نواصل الحياة دون داعمين لنا، يقدمون لنا التحفيز على إكمال الطريق. أما أنا، فداعمي الأول هو زوجي الذي يساعدني كثيرًا في عملية التصميم والدعاية للمنتجات المتوفرة لدى "روح"، إضافة إلى مساعدته في انتقاء المنتجات التي يرغبها الرجال أيضًا.

وها أنا بعد مرور عامين على مشروعي أدعو كل الفتيات أن ينطلقن لتحقيق أحلامهن، ولا يرضخن للعوائق. وفي وقتنا هذا، يمكن الاستعانة بمنصات التواصل الاجتماعي للترويج لمشاريعهن بحرفية، وأن يحاولن مرة ومرات لتحقيق الهدف المرجو. طموحي لا يتوقف! أحلم دومًا بالأفضل، بالنجاح في كل تجربة أخوضها في معترك الحياة، أطمح في أن افتتح محلًا خاصًا بي على أرض الواقع، وأن أرى "روح" كأكبر منصة اجتماعية لجميع سيدات قطاع غزة، وسوق إلكتروني يلبي كافة احتياجات النساء التجميلية.