بنفسج

متلازمة الطفل الكسول: من حرّك قطعة الجبن الخاصة بي؟

السبت 05 فبراير

طرق التعامل مع الطفل الكسول
طرق التعامل مع الطفل الكسول

 يعتاد الأبناء الحصول على ما يريدون من دون أي جهد أو عناء، تنحصر في أذهانهم الرغبات في صورتها النهائية، حاضرة جاهزة دائمًا، ليس عليهم إلا السؤال بأين؟ هنا نتحدث عن الكسل وطرق التعامل مع الطفل الكسول الذي سرعان ما يجد الجواب من العائلة حول الشيء الذي سأل عنه فيقال له: هنا.

 لا مسافة فاصلة بين أين وهنا، إلا مسافة الكسل الذي يتلخص في انعدام الرغبة في بذل أي نشاط ذهني أو بدني، تثاقل الخطى، وانحصار التفكير أخيرًا، في متعة اللحظة الراهنة، واختيار أقصر الطرق للراحة والاسترخاء.

في كتاب التطوير الذاتي المعروف "من حرّك قطعة الجبن الخاصة بي"، يتساءل "هيم"- أحد الشخصيات الرئيسة الأربع في الكتاب- من حرّك قطة الجبن الخاصة بي؟ فقد اعتاد على وجودها الدائم، بل وقرر بناء بيته بجانب أكوام الجبن، كي يستمتع بتناولها في أي وقت يشاء ومن دون أي جهد يذكر.

وفي ملخص غير مخلٍ لفكرة الكتاب، فهي قصة رمزية لأربع شخصيات، فأران يدعيان سنيف وسكوري، وقزمان في حجم الفئران هما هيم وهاو. تتردد هذه الشخصيات الأربع إلى متاهة الجبن في كل يوم، يذهب الفأران باكرًا بهمة ونشاط، يتفقدان المكان ويحصلان على ما يلزمهما من قطع الجبن، أما القزمان فيذهبا متأخرين، يأكلان بغطرسة بعد أن أمّنا وجود الجبن.

ومع استمرار الاستهلاك، تنتهي قطع الجبن، يقرر الفأران البحث في مكان آخر، فقد لاحظا مسبقًا أن أعدادها في تناقص، أما القزمان فيرفض أحدهما تصديق الحقيقة، ويكتفي بالصراخ: "من حرّك قطعة الجبن الخاصة بي؟". وإن استبدلنا قطعة الجبن، بأي أمر آخر، سنلاحظ تكرر هذا السؤال وأشباهه على أسماعنا بشكل كبير، خاصة في العلاقة التي تربطنا كأمهات بأبنائنا، "فمن حرّك ألعابي، أين فردة حذائي، أين مصروفي، أين...".

متلازمة الطفل الكسول

طرق التعامل مع الطفل الكسول
عليك معرفة سبب الكسل عند طفلك فمن الممكن أن يكون سببه مشكلة عضوية أو نفسية

الطفل الكسول هو ذلك الذي يفتقر للحماس اتجاه أي نشاط ذهني أو بدني حتى اللعب، وليست لديه الرغبة في بذل أي مجهود، ولا يقتصر الأمر على الحماس فقط، بل قد تظهر عليه علامات التعب والإجهاد جراء أي مجهود بدني أو ذهني ولو كان بسيطًا.

تنقسم أسباب الكسل عند الأطفال إلى قسمين لا بد من التنويه لهما، أولهما هو الكسل المرضي، ففي هذه الحالة ينتج الكسل عن مشكلة عضوية أو نفسية، وحوله تقول د. جيهان النمرسي- أستاذة علم النفس بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر-: "إن بعض حالات الكَسَل عند الطفل ترجع لأسباب مرضية، كتراكم الدهون على الكبد أو مشاكل في الغدد المسؤولة عن الأنشطة الحيوية، وغيرها من الأسباب التي تحتاج إلى علاج ومتابعة مختصة".

أما الثاني، وهو محط اهتمام هذا المقال، فهو الكسل غير المرضي، أي الذي لا يتربط بمشاكل عضوية، كما أن علاجه لا يتطلب تدخلًا دوائيًا، وكل ما يتوجب على الوالدين فعله هو الوقوف على أسبابه الحقيقية، ثم وضع خطة عملية للخروج بالطفل من هذه الفوهة! وقبل أن نقدم لك عزيزتي الأم طرق التعامل مع الطفل الكسول، يجدر بنا الوقوف أولًا عند أهم مسبباب الكسل عند الأطفال.

 طفلي كسول ولكن.. لماذا؟

طرق التعامل مع الطفل الكسول

 

 

الطفل الكسول هو ذلك الذي يفتقر للحماس اتجاه أي نشاط ذهني أو بدني حتى اللعب، وليست لديه الرغبة في بذل أي مجهود، ولا يقتصر الأمر على الحماس فقط، بل قد تظهر عليه علامات التعب والإجهاد جراء أي مجهود بدني أو ذهني ولو كان بسيطًا.

تنقسم أسباب الكسل عند الأطفال إلى قسمين لا بد من التنويه لهما، أولهما هو الكسل المرضي؛ ففي هذه الحالة ينتج الكسل عن مشكلة عضوية أو نفسية.

أما الثاني؛ وهو محط اهتمام هذا المقال، فهو الكسل غير المرضي، أي الذي لا يتربط بمشاكل عضوية، كما أن علاجه لا يتطلب تدخلًا دوائيًا، وكل ما يتوجب على الوالدين فعله هو الوقوف على أسبابه الحقيقية ثم وضع خطة عملية للخروج بالطفل من هذه الفوهة!

وقبل أن نقدم لك عزيزتي الأم بعض المقترحات العملية، ليتخلص طفلك من الكسل، يجدر بنا الوقوف أولًا عند أهم مسبباب الكسل عند الأطفال.

| انعدام الدافع

 لماذا لا يرتب غرفته؟ لأنه يعلم أنك ستقومين بهذا بدلًا عنه، لماذا لا يذهب للعب في الخارج؟ لأنه يقضي وقتًا ممتعًا على الجهاز المحمول، بجهد بدني أقل، لماذا لا يساعدك في أعمال المنزل؟ لأنه لن يحصل بعدها على نتيجة "ما" تهمه أو يسعى للحصول إليها. فتبدأين في التفكير والبحث عن طرق التعامل مع الطفل الكسول.

كعادتنا نحن الكبار، فإننا لا نقوم بنشاط "ما"، إلا من أجل الحصول على نتيجة "ما". وما يحركنا للانتقال من النقطة "أ" إلى النقطة "ب" هو الدافع والرغبة، اللذان يتولدان في ذواتنا من قناعاتنا العقلية بأهمية الأمر، أو تعلقنا وحبنا له، وفي كلتا الحالتين، تساعدنا هذه الدوافع والرغبات للوصول إلى ما نريد.


اقرأ أيضًا: لـ عبدالله عبد المعطي: "4" كتبٍ تفتح آفاقًا للتربية


وما يدفع الطفل للقيام بأي نشاط أيضًا هو وجود حافز داخلي أو دافع يدفعه لذلك، فهو يلعب مثلًا بدافع البحث عن المرح، ويدرس بدافع البحث عن التفوق والتميز؛ وبالتالي، فإن غياب الحافز الداخلي أو خفوته، أو عدم ارتباط رغباته بأعمال تتطلب جهد بدني أو ذهني -فكل رغباته مجابة- ستؤدي به في النهاية إلى الكسل.

| مشاكل في النوم

 قلة النوم يمكن أن تجعل الطفل كسولًا أيضًا، فالطفل الذي لا يحصل على قسط كافٍ من الراحة في الليل، يكون متعبًا أثناء النهار وليس لديه دافع كافٍ لأداء أي نشاط، قد تنتج قلة النوم من السهر على الألعاب الإلكترونية، أو مشاهدة الشاشات، وقد تنتج من قلق نفسي نتيجة تعرض الطفل للتنمر أو التحرش أو وجوده في بيئة مشحونة بالمشاكل، وعلى الوالدين في كلتا الحالتين مراقبة الطفل، واتخاذ خطوات عملية لمساعدته، والبحث عن طرق التعامل مع الطفل الكسول.

| التنشئة

طرق التعامل مع الطفل الكسول
راعي أسلوب تعاملك مع طفلك فمن الممكن أن يسبب التهميش والسيطرة إلى انعدام رغبة الطفل في بذل أي نشاط

تعتبر التنشئة وأسلوب التربية الذي يتعامل فيه الآباء مع أبناءهم، من أهم أسباب ظهور علامات الكسل غير المرضي عند الأبناء، فقد يحرص بعض الآباء على توفير كل احتياجات الطفل، حرصًا منهم على سعادته، وربما تعويضًا عن النقص الذي عاشه بعض الآباء في طفولتهم، فالطلبات جميعها مجابة دون عناء أو جهد، تمامًا كصديقنا "هيم" في كتابنا المذكور أعلاه.


اقرأ أيضًا: كأبجديات اللغة: رحلة طفلك لاحتضان غراس الثقافة


وعلى النقيض، قد تؤدي بعض أساليب التنشئة الأخرى كالإجبار والتهميش أو السيطرة، والضغط النفسي الناجم عن العيش في دوامة مشاكل الأبوين التي لا تنتهي، أو انفصال الزوجين، أو أن يعيش تجربة قاسية، كالحرب أو موت أحد الأقارب، كل هذه الأسباب ستؤدي في النهاية إلى انطفاء الطفل، وإنعدام رغبته في بذل أي نشاط، وقد يتطور الأمر إلى مشاكل نفسية لا تنتهي بالاكتئاب.

| سيطرة الوالدين

 يظهر الطفل أحيانًا عدم رغبته في عمل أي نشاط من باب المقاومة لسلطة الوالدين وإجبارهم المستمر له على أعمال معينة؛ وهو بهذه الحالة يتظاهر بالكسل والإرهاق والتعب بهدف المقاومة، والتنصل من الأوامر والشعور بالحرية والاستقلالية.

| نقص الكفاءة

  أحيانًا يدمج الأهل أبناءهم في أنشطة لا تكون مناسبة لتوجهاتهم ورغباتهم، مثل دمج الطفل في حصص تعلم الموسيقى التي لا يُعدها الطفل من هواياته، وهنا يشعر الطفل الذي يتأخر عن زملائه في هذا المجال بالفشل، مما يؤثر على دافعه الداخلي اتجاه العمل، ويظهر عليه الكسل العام.


اقرأ أيضًا: القصص المنسية: قصص تستحق أن تُروى


| السمنة 

حسب دراسات عديدة، فإن سمنة الأطفال ترتبط بشكل كبير بالكسل؛ إذ يشعر الطفل بثقل الهمة والتعب الشديد عند القيام بمجهود جسدي، فيفضل الجلوس وعدم أداء الأنشطة مقابل أكل وجباته المفضلة.

 طفلي لن يبقى كسولًا بعد اليوم... كيف؟

طرق التعامل مع الطفل الكسول
 أشركي طفلك في المهمات المنوطة إليه وعوديه تدريجيًا للقيام بها

أبرز طريقة من طرق التعامل مع الطفل الكسول هو أن تعرفي طفلك أولًا أن إنجاز الأعمال لم ولن يتم بسهولة؛ وبالعودة إلى "هيم" ورحلة البحث عن الجبن، فقد اضطر صاحبنا في النهاية إلى الحفر في المكان للحصول على الجبن، ولكنه لم يفلح في الحصول عليه أيضًا، بينما سبقه الفئران في الحصول على جبن جديد، بعد البحث في أماكن جديدة. تنتهي القصة بدعوة "هاو" صاحبه "هيم" بضرورة التغيّر والبحث في مكان آخر، فقال: "الأمور تتغير هُنا ومن الأفضل أن نتغيّر نحن أيضًا".

هذه القصة تتوافق مع مقولة: "الأشياء العظيمة لا تأتي أبدًا من مناطق الراحة"، وهذا ما يجب توضيحه لأبنائنا؛ على الطفل أن يرى الأمور على حقيقتها، فلا يمكننا الحصول على كل ما نريده ونحن ننعم بالراحة، وبقدر الجهد المبذول تكون النتائج مرضية. لذلك، تجنبي تسهيل الأمور على طفلك.

اجعلي للأمور التي يسعى لتحقيقها ذات قيمة، والحصول عليها يتطلب بذل الجهد المناسب أيضًا. يمكن تحقيق ذلك من خلال منح المكافآت وتعظيم النتائج دون الحاجة إلى الإكراه، وهذا يقودنا للحديث عن النقطة الثانية، الدافع!

طرق التعامل مع الطفل الكسول
| كوني مبدعة في خلق الدافع: إن كان السبب الأهم للكسل هو غياب الدافع، فإن العلاج الأمثل له هو تقوية الدافع، وتحفيزه وخلقه من جديد، حتى في الأمور أو الأعمال التي لا يرغب الطفل بأدائها، ولا تعنيه نتائجها، كترتيب غرفته، أو مساعدة إخوته، أو المساعدة في أعمال المنزل، اجعلي لهذه المهمات مكافآت تتناسب مع حجم الجهد المبذول، واجعلي الحصول عليها، شرطًا أساسيًا للقيام بالمهمة، تدرجي بالمهمات، وتجنبي الإجبار قدر المستطاع. وأيضًا من المهم جدًا معرفة شخصية الطفل، ميوله، ما يحبه ويتطلع للحصول إليه، ليساعد هذا في خلق الحافز  لمواصلة الدارسة أو حضور التمرين، مما يعني في النهاية نجاح طفلك وتخطيه عقبة الكسل.

| كونوا قدوة

في  الغالب، لن يكون طفلك نشيطًا إذا ما كان والداه يجلسان لساعات طويلة أمام التلفاز، أو يؤجل أحدهما باستمرار أداء مهماته، لذلك دعي طفلك يرى نموذجًا يُحتذى به في أداء الواجبات والمسؤوليات.

| ضعي توقعاتك وأهدافك

اعتمادًا على عمر طفلك، أشركيه في المهمات المنوطة إليه، وعوديه تدريجيًا للقيام بها، أو دعيه يطلع على الجهد المبذول لإنجاز ما يرغب به، اطلبي منه القيام بالأعمال المنزلية المناسبة لعمره، ولا تفترضي أنه يعرف كيفية القيام بها؛ اشرحي بكلمات بسيطة، وإذا لزم الأمر، افعليها بحضوره، دعيه يكتب قصته الخاصة، أين يريد أن يصل؟ وماذا يريد أن يكون؟ شجعيه بالتدريج، بسطي المهام، واجعلي القيام بها ميسرًا قدر المستطاع.

| ازرعوا قيمة العطاء والتطوع في أطفالكم

طرق التعامل مع الطفل الكسول
عوديه أن يشارك في العمل التطوفي هذا سوف يعلمه الامتنان

 عندما يشارك طفلك في العمل التطوعي فسوف يتعلم الامتنان والرضا بممتلكاته، ولن يشعر بالسوء لما ليس لديه. عندما يتعلم طفلك رد الجميل سيتعلم أيضًا تقدير فن استخدام وقت الفراغ والموارد لدعم قضية نبيلة. وبشكل عام، يمكن أن يشغل هذا ذهن الطفل من دون قضاء وقت في الأنشطة التي تهدر الوقت كالأجهزة الإلكترونية.

| تشجيع الأنشطة الخارجية في الهواء الطلق

تشير دراسات علم النفس إلى أن التعرض للطبيعة يزيد من الطاقة ويعزز الشعور بالحيوية. لذلك، قم/ قومي ببعض التمارين، أو بتنظيف الحديقة مع طفلك، أو مجرد المشي معه، حيث يمكن أن يساعد ذلك في تنشيط فلك وطرد الكسل عنه.

| إعطاء تعزيزات إيجابية

طرق التعامل مع الطفل الكسول
اثني على كل عمل يقوم به طفلك فكل تقدير له سيمنحه دافع قوي

إن تعلم تشجيع طفلك والثناء عليه عندما يقوم بعمل جيد هو دافع عظيم سيجعله يفعل المزيد دائمًا. كما أن تقدير كل جهد صغير، وإنجاز، سيثير ويزيد من شهيته لمزيد من المسؤولية. ما يصلح للطفل قد لا يصلح للآخرين، وبصرف النظر عن عامل الكسل لدى الطفل، فإن ما تفعله بصفتك أحد الوالدين يساهم بشكل كبير في تقرير موقف الطفل من العمل، وأداء الأنشطة الحياتية المختلفة، لذلك تابع طفلك واصبر على تعليمه وتحفيزه بعناية.


اقرأ أيضًا: "أعزائي الأطفال.. عندما أفشل" : رسالة أم


| لا تبالغ في إعطاء طفلك!

إعطاء الطفل كل ما يريد والقيام بالجهد بدلًا منه يدفعه للاعتياد على ذلك؛ مما يحفز الكسل ويضعف لديه الحافز لفعل أي شيء قد يحتاج أدنى درجة من الجهد.

بمعنى آخر، يجب أن تساعد طفلك عندما يحتاج إلى المساعدة؛ لكن دعه/ دعيه يأخذ زمام المبادرة ويجرب حل مشاكله، ولا تتعجل في حلها طوال الوقت، وهذا يجعلك تتعرف على قدرات طفلك، ومن ثم رعايته لتحمل المسؤولية.

نهاية من طرق التعامل مع الطفل الكسول المفيدة هو  تقديم واقتراح أنشطة جديدة تدريجيًا، وشاهدي طفلك يقوم بها. قد يكون هذا صعبًا جدًا في البداية، ولكنه سيقلل بدرجة كبيرة من الكسل ويدفع في النهاية.