بنفسج

حلويات رمضان.. إرث قديم للعالم العربي

السبت 01 ابريل

في شهر رمضان الفضيل تنتابنا الحيرة، أي الحلويات نأكل: هل قطايف أو كنافة أم بسبوسة أم زلابية؟ فنقول اللهم اجعلها أكبر حيرتنا، حقيقة هي حيرة لذيذة للغاية. في المائدة الرمضانية حلويات كثيرة لكن السمو لبعضها، فتلك الشهية التي يتساقط منها القطر الكثيف تجعلك في حالة استمتاع عجيبة، فيبدأ النقاش حامي الوطيس، ككل رمضان، الأم تريد الحفاظ على الثوابت الراسخة، فالقطايف تُحشى بالمكسرات فقط، لكن الأبناء يريدونها بالتمر والشوكولاتة، فترد هي مستنكرة "هو من وكتيش يما القطايف بتنحشى نوتيلا؟". وهكذا حتى ينتهي موسم القطايف يبقى النقاش مشتدًا في كل مرة.

أما تلك الشهية، الكنافة، فبمجرد ذكرها يقفز إلى أذهاننا الكنافة النابلسية، وآآه منها ومن لذتها، وتفوز النابلسية دائمًا على كنافة المكسرات الشهيرة، فكل شيء يأتي من جبل النار يفوز دائمًا.

وهنا نستعرض 3 حلويات شهيرة يعرفها كل العالم العربي جيدًا، سنحكي عن أصولها وسبب التسمية، هيا بنا لنتعرف على القطايف والكنافة والزلابية.

حلوى القطايف

قطايف.jpg
حلوى القطايف

"قطائف قد حشيت باللوز.. والسكر الماذي حشو الموز.. سررت لما وقعت في حوزي.. سرور عباس بقرب فوز". ابن الرومي في هذا البيت الشعري يتغزل بالقطايف، فضرب المثل بوصف سرور بن الأحنف الذي كان يجلس بجانب حبيبته فوز. إنها سيدة مائدة الحلويات في رمضان، ينحاز لها العديد من محبيها، تنافس غريمتها الأولى الكنافة بقوة، لها طعم شهي يجعلك تستمتع وتقول: "الله الله".

لنتعرف على أصل القطايف هنا، نبدأ بالرواية الأولى التي ترجح أنها تعود إلى العصر الأموي، فأول من تناولها الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، بعدما اجتهد طباخو قصره بابتكار حلوى جديدة لشهر رمضان، فما كان منهم إلا التجربة لأكثر من مرة ليصلوا لحلوى فريدة من نوعها، ابتكر أحدهم قطع دائرية تُحشى وتزين بالمكسرات فأسموها قطايف، فقالوا هذا ما نريد. ذاقها الخليفة الأموي فأبدى إعجابه بها ومن بعدها انتقلت لكافة الأرجاء.

بقيت القطايف لفترة طويلة تُحشى بالمكسرات فقط، حتى ابتدع العديد طرق لحشوها بالتمر أو بالجبن أو باللبن ثم يتم قليها أو شويها بالفرن ثم إسقاطها بالقطر "سكر وماء وعصرة ليمون". ويوجد من يحشوها بالقشطة ويزينها بالمكسرات، أو بالشوكولاته وتقدم نيئة ويسمونها "عصافيري".

 ويقال في رواية أخرى أن أهل الأندلس أول من صنع القطايف واشتهرت في مدينتي إشبيلة وغرناطة، ثم توسعت رقعتها الجغرافية أكثر وصُنعت في دول عربية عديدة. وهناك من يقول إن الفراعنة أول من ابتكر القطايف، الباحث المصري عمرو حسين يقول: "القدماء المصريين كانوا يقدومونها كنوع من القرابين والهدايا للألهة تعبيرًا عن الاحترام والتقدير".

العديد من الروايات التاريخية وردت حول أصل القطايف وتسميتها، يُقال إنها سميت بذلك كون أن ملمسها يشبه قماش القطيفة، كما رجحت رواية أخرى أن حلوى القطايف قدمت كفطيرة محشوة، ولأن محبيها يقطفونها من على المائدة بخفة وسرعة، فسميت فطيرة القطف، ثم لسهولة اللفظ لُقبت بالقطايف.


اقرأ أيضًا: قناديل الخير: رمضان الذي تعرفه فلسطين


بقيت القطايف لفترة طويلة تُحشى بالمكسرات فقط، حتى ابتدع العديد طرق لحشوها بالتمر أو بالجبن، ثم تقلى أو تشوى بالفرن ثم تسقط بالقطر "سكر وماء وعصرة ليمون". ويوجد من يحشوها بالقشطة ويزينها بالمكسرات، أو بالشوكولاته وتقدم نيئة ويسمونها "عصافيري".

في شهر رمضان المبارك للقطايف نكهة أخرى، على الرغم من تواجدها في أشهر العام الأخرى، لكن لرمضان لذة مختلفة على الإطلاق. تغنى بها شعراء كثر، فقال عنها الشاعر الأندلسي سعد الدين بن عربي: "قطائف مقرونة بكنافة.. هاتيك تطربني بنظم رائق من فوقهن السكر المذرور.. ويروقني من هذه المنثور".

الكنافة

الكنافة.jpg
الكنافة

الكنافة ويا لمذاقها الممتع؛ قطعة منها تمدك بالطاقة، تذوب في فمك مع قطع المكسرات التي تتوسطها ويا له من طعم لذيذ. ويا لروعتها والجبنة النابلسية تمغط وأنت تلتهمها.

تقول الروايات التاريخية أن أصل الكنافة النابلسية يعود إلى عام 1850، حينما جاء مواطن سوري إلى نابلس وأراد أن يفتتح محلًا للكنافة، فطلب من أحد مواطني نابلس أن يشاركه ماديًا في المحل. فكان القبول منه، وبدءا رحلة تصنيع الكنافة بالمكسرات واللوز، استمر عملهما في صنع الكنافة مدة عامين حتى عاد السوري لوطنه، وترك المحل لشريكه الذي قرر أن يدخل شقيقه كشريك معه وأسميا المحل "حلويات غرناطة"، فيما بعد واجهتهما مشكلة في توفير المكسرات، فقررا أن يحشوا الكنافة بالجبنة النابلسية، فكان طعمها فريدًا مختلفًا شهيًا، ومن هنا بدأ محبي الحلويات بالولوج لمحل غرناطة لتعلم صنع الكنافة النابلسية، فتناقل طريقة صنعها وسر نكهتها العديد واشتُهرت هكذا.

كنافة نابلسية.jpg
الكنافة النابلسية

كما ترجح بعض الروايات أن الكنافة تعود أصولها إلى الفاطميين، حيث صنعها طاه لإكرام الخليفة المعز لدين الله الفاطمي.

ويؤكد بعض مؤرخي التاريخ أن أصل الكنافة يعود للحقبة الزمنية التي تولى فيها الخلافة معاوية بن أبي سفيان، حيث صُنعت له خصيصًا ليتناولها على السحور، لتعينه على الصيام كونها تشعر المرء بالشبع. فانتشرت في البلاد وسميت "كنافة معاوية".

زلابية بوفاريك

إن زلابية بوفاريك هي حلوى تقدم على الموائد الرمضانية في الجزائر، وتعد من الطقوس الوطنية لديهم، يُقال إنه ذاع صيتها أثناء الاستعمار الفرنسي للجزائر، اوشتهرت بها مدينة بوفاريك التي تبعد بـ30 كلم عن العاصمة الجزائرية، ويتوافد لها الناس من مختلف الأنحاء. تعتبر حلوى الزلابية إرثًا لدى عائلة إكسيل وشبوب ولوكيل، الذين ظلوا محتفظين بسر الخلطة لسنوات طوال.

 أما حول تسمية الزلابية فيقول البعض إنها نسبة إلى مبتكرها الذي سافر للأندلس ثم للمغرب العربي زرياب الأندلسيّ، فأصبحت تسمى "زلياب".

إن زلابية بوفاريك هي حلوى تقدم على الموائد الرمضانية في الجزائر، وتعد من الطقوس الوطنية لديهم، يُقال إنه ذاع صيتها أثناء الاستعمار الفرنسي للجزائر، وشتهرت بها مدينة بوفاريك التي تبعد بـ30 كلم عن العاصمة الجزائرية، ويتوافد لها الناس من مختلف الأنحاء. تعتبر حلوى الزلابية إرثًا لدى عائلة إكسيل وشبوب ولوكيل، الذين ظلوا محتفظين بسر الخلطة لسنوات طوال.

أما حول تسمية الزلابية فيقول البعض إنها نسبة إلى مبتكرها الذي سافر للأندلس ثم للمغرب العربي زرياب الأندلسيّ، فأصبحت تسمى "زلياب".


اقرأ أيضًا: "صُوموا تصحّوا": كيف يكون رمضانك صحيًا؟


وفي رواية ثانية وبحسب الباحث فوزي سعيد الله فإن الزلابية هي خطأ ارتكبه طاهي حلويات، فمزج خليط الدقيق والزيت والماء، فأنتج عجينة متماسكة، فقلاها بالزيت ثم أضاف إليها العسل، فخاف أن لا تعجب صاحب المحل فتوتر وقال: "زل بي". لكن ردة الفعل كانت مفاجأة بالنسبة له أُعجب رب العمل بالحلوى، وسميت منذ ذلك الوقت ب "الزلابية".

فيما بعد انتقلت الزلابية من مدينة بوفاريك إلى مدن الجزائر الأخرى وأصبحت مشهورة في تلك المدن يصنعها طهاة الحلويات، فمثلًا في منطقة برج البحري شرق العاصمة، هناك محل يُسمى "زلابية الباجي" نسبة لصاحبه الذي أبدع في صنع الزلابية لمدة نصف قرن.