بنفسج

هبة سعدية: أول "حكم" فلسطينية في كأس العالم للسيدات

الأحد 17 سبتمبر

أخيرًا، تكلل مشوار 13 عامًا من الجهد والتدريب، بالحلم الذي لطالما راود الرياضية هبة سعدية، فقد كانت أول فلسطينية ومحجّبة تشارك بصفتها حكمًا في تاريخ كأس العالم للسيّدات. هبة الفلسطينية التي ولدت في مخيم اليرموك في سورية، لفت انتباهها تمرين كانت قد شاهدته لحكام دمشق، ومن هنا جاءتها فكرة في أن تخوض هذا المجال، وأن تبدأ في تطوير مهاراتها وقدراتها في التحكيم، بالرغم من أنها لم تكن تمتلك أي فكرة سابقة عن هذا المجال.

لم يكن مشوار سعدية سهلًا ويسيرًا، فقد كان مليئًا بالتحديات والعقبات والجهد والكد والتعب، فـ13 عامًا من التدرب والعمل والجهد التحكيم كانت كفيلة بأن تصل هبة، بإصرارها ومثابرتها، إلى مكان لم تصله أحد من السيدات.

بداية القصة مع التحكيم

بين عامي 2010 و2012، خاضت سعدية تجربتها في التحكيم، فبدأت في الدوري السوري وبمباريات الأحياء الشعبية حتى تستطيع تطوير مستواها في التحكيم عبر المباريات المحلية البسيطة، واكتساب القدرة على تحسين أدائها تمهيدًا للانتقال إلى مستوى أعلى وأبعد.
 

حين بدأت الحرب في سورية عام 2012، أجبرت سعدية للبعد قليلًا عن التحكيم، فقد واجهت ظروفًا كانت في غاية الصعوبة إلى جانب أن الوضع العام كان مضطربًا، فاضطرتها لأحداث السورية على الانتقال إلى دولة أخرى مع عائلتها، لتتوجه إلى ماليزيا في العام 2013.

 

بدأت هبة رحلتها مع الرياضة حين أصر وشجعها والدها على دراسة تخصص التربية الرياضية في الجامعة، فهي إن لم تكن مصدر رزق لها، ستكون حتمًا إضافة جيدة لحياتها، تستطيع من خلالها أن تكون سيدة قوية وتكسبها ثقة بذاتها. تقول: "حينما بدأت بخوض مجال التحكيم لم يكن لدي أي خبرة سابقة في هذا المجال، لكنني أحببته بشكل كبير وشعرت بمدى جماله ومتعته".

بين عامي 2010 و2012، خاضت سعدية تجربتها في التحكيم، فبدأت في الدوري السوري وبمباريات الأحياء الشعبية حتى تستطيع تطوير مستواها في التحكيم عبر المباريات المحلية البسيطة، واكتساب القدرة على تحسين أدائها تمهيدًا للانتقال إلى مستوى أعلى وأبعد.


اقرأ أيضًا: مريم أبو رموز: طريق احتراف تعلم وتعليم لغة الإشارة


حين بدأت الحرب في سورية عام 2012، أجبرت سعدية للبعد قليلًا عن التحكيم، فقد واجهت ظروفًا كانت في غاية الصعوبة إلى جانب أن الوضع العام كان مضطربًا، فاضطرتها لأحداث السورية على الانتقال إلى دولة أخرى مع عائلتها، لتتوجه إلى ماليزيا في العام 2013.

كانت حياة سعدية في ماليزيا في بدايتها غاية في الصعوبة، فحلمها الذي تسعى له لسنوات، بات من الصعب إكماله وهي في دولة تحاول جاهدة أن تتقن لغتها، وأن تتكيف مع الحياة فيها ومع عادات سكانها وتقاليدهم، وقد واجهت عقبات عدة لإكمال تمارينها الرياضية مع عدم وجود أي مكان يسمح لها بالتمرن فيه، وعدم وجود أشخاص أيضًا يشرفون على تمرينها ويوجهونها للأفضل.

تطوير النفس في حياة الاغتراب

IMG-20230914-WA0010.jpg
الحكم الدولي هبة سعدية في إحدة مبارايتها

سعت هبة خلال هذا العام لتطويرها ذاتها بذاتها، فحاولت البحث عبة الإنترنت عن التمارين المناسبة، وعن المعلومات التي قد تحتاجها، وعما هو مستجد في مجال التحكيم، فلم يكن المكان عائقًا أمامها لتصل إلى ما تطمح، وكان إصرارها على أن تتخطى تلك العقبات كبيرًا.

تضيف: "عندما توجهت لماليزيا كانت بمنزلة حياة جديدة لي لا أعرف عنها شيئًا، لغة جديدة وعادات جديدة، إلى جانب أني كنت لا أعرف إلى أين أتوجه لإكمال تماريني ولا أجد مشرفًا لي يقيّم أدائي ويعطي ملاحظاته فيما أعمل، لكني أيضًا، وبإصراري على تطوير ذاتي، كنت أبحث بنفسي عن كل ما أحتاجه وأسعى جاهدة لتخطي كل الصعوبات ومواصلة تمريني للوصول إلى طموحي وحلمي".

بعدها بسنوات، انتقلت سعدية لتعيش في السويد، لتتجدد معاناتها مرة أخرى، وتبدأ من جديد في تعلم اللغة، والسعي للانتساب للاتحاد في السويد. تتابع: "انتقلت إلى السويد، ولأكثر من سنة، كنت أحاول الانتساب للاتحاد، إلى جانب أن طبيعة الجو والعادات الجديدة واللغة الجديدة أيضًا كانت صعبة جدًا، وفي كل مرحلة كانت هناك عقبات تواجهني استطعت، بحمد لله، تخطيها، كنت أصل دائمًا إلى مرحلة الاستسلام، أشعر حينها أن ليس لدي أي طاقة لإكمال مشواري والوصول إلى طموحي، لكني سرعان ما كنت أعود من جديد وأشجع نفسي على الإكمال، فلديّ حلم يجب أن أحققه".


اقرأ أيضًا: راية أبو عيشة: "روح" مركز يستنطق لغة الضاد


لا زالت محفورة في ذاكرة هبة أول مباراة شاركت فيها بالتحكيم، كانت لا تزال مبتدئة، لكن السعادة كانت تغمرها، كيف أنها استطاعت أن تضع بصمتها في هذا المجال، وأن تضيف لحياتها إنجازًا مختلفًا وجديدًا، لكنها أيضًا شعرت بحجم ما تفتقده من معلومات ومهارات لتنطلق في مجال التحكيم بقوة ولتصل إلى العالمية.

وتصف شعورها فتقول: "كانت أول مباراة شاركت فيها بالتحكيم بداية انطلاق لي، وكأني أضع قدمي في أول الطريق، راودني شعور مختلط حينها، فعلى قدر ما كنت سعيدة بأني الآن في المكان الذي سأنطلق منه إلى ما أبعد بكثير، على قدر ما شعرت بأنه ينقصني الكثير وأمامي مشوار طويل وشاق لأكون في القمة".

هبة سعدية: أنا في كأس العالم

 
"كأس العالم حلم لكل رياضي وهأنذا  قد حققته"، هكذا كان شعور هبة سعدية في العام 2019، حين أبلغتها الفيفا أنها اختيرت ضمن فريق سيُدرب وتقدم له الاختبارات، ثم تصفيته لاختيار من سيشارك في التحكيم ببطولة كأس العالم للسيدات للعام 2023.
 
 وبالفعل فقد وصلت سعدية إلى المرحلة النهائية للتأهل للتحكيم في كأس العالم، لكنها وبعد يوم واحد فقد من وصولها إلى أستراليا حيث ستقام البطولة، قد أصيبت خلال التمرين، وبناء عليه، توقفت لمدة أسبوعين إلى أن تتعافى وتستطيع القيام بمهامها.
 

الرياضة لم تكن مجرد هواية تمارسها سعدية، بل كانت أسلوب حياة لها، غيرت من شخصيتها وأفكارها، أعطتها الفرصة بأن تكون واثقة من ذاتها وقدراتها ومهاراتها. تردف: "التحكيم أيضًا فتح لي المجال للسفر والتنقل والتعرف على العالم من خلاله، والتجول في بلدان كثيرة لها عادات وأطباع وأسلوب حياة وثقافة مختلفة ولغات مختلفة، ما وسع أفقي، وجعلني أرى العالم بنظرة مختلفة تمامًا عما كنت أراه من قبل، ومكنني من رؤية العالم بصورة مختلفة".

"كأس العالم حلم لكل رياضي وهأنذا  قد حققته"، هكذا كان شعور هبة سعدية في العام 2019، حين أبلغتها الفيفا أنها اختيرت ضمن فريق سيُدرب وتقدم له الاختبارات، ثم تصفيته لاختيار من سيشارك في التحكيم ببطولة كأس العالم للسيدات للعام 2023، وبالفعل فقد وصلت سعدية إلى المرحلة النهائية للتأهل للتحكيم في كأس العالم، لكنها وبعد يوم واحد فقد من وصولها إلى أستراليا حيث ستقام البطولة، قد أصيبت خلال التمرين، وبناء عليه، توقفت لمدة أسبوعين إلى أن تتعافى وتستطيع القيام بمهامها.


اقرأ أيضًا: "بنت وبتلعب كاراتيه؟": ضحى بشارات وإرث الفنون القتالية


تتابع: "كانت إصابتي صدمة لي، فبعد 13 سنة من العمل والكد والتعب والمثابرة، وصلت إلى حلمي، لكني بت الآن عاجزة عن الإكمال. لقد بذلت كل جهد، وبإيماني بربي وبقدراتي، استطعت تجاوز كل الصعوبات وعدت إلى الملعب مرة أخرى. صحيح أنه كان في منتصف البطولة، لكني عدت واستطعت أن أثبت لكل العالم أن المرأة إن أرادت فعلت".

تحقق الحلم أخيرًا بعد مشوار شاق ومتعب، وتنقلات وتغيرات صقلت شخصية قوية مؤمنة بما تملك، وواثقة من قدراتها وإمكانياتها، استطاعت سعدية بحجابها أيضًا أن ترفع اسمها واسم بلادها عاليًا، وأن تثبت وجودها ووجود بلدها فلسطين في كل المحافل الدولية.