بنفسج

شاتيلا أبو عيادة: الأسيرة الأقدم والأعلى حُكمًا تنتظر الحرية

الثلاثاء 18 فبراير

الأسيرة شاتيلا أبو عيادة
الأسيرة شاتيلا أبو عيادة

تنتظر الأسيرة شاتيلا أبو عيادة أن يدرج اسمها في صفقة تبادل الأسرى، لتغادر السجون الإسرائيلية بعد عشر سنوات أمضتها من التنكيل والتعذيب. إذ تعرضت فور اعتقالها لتحقيق قاس، ثم أُصدر ضدها حكم بالسجن بتهمة تنفيذ عملية طعن. 

أمضت شاتيلا أعوامًا في السجن تستقبل الأسيرات فور مجيئهن وتمنحهن الأمل في حرية قريبة، خرج معظم من معها في صفقة طوفان الأقصى، وكلما بكت الأسيرات اللواتي سيخرجن تخبرهن بلكنتها المقدسية: "أنا قوية ما تقلقوا علي".

| من هي شاتيلا أبو عيادة؟

الأسيرة شاتيلا أبو عيادة

اعتُقلت شاتيلا في 3 أبريل/نيسان 2016 بتهمة تنفيذ عملية طعن في القدس، اقتادوها بصورة عنيفة يومها ونكلوا بها، في ذلك الوقت كانت تدرس بكالوريوس علم النفس في الجامعة العربية المفتوحة في "تل أبيب" لكن وزارة التربية والتعليم "الإسرائيلية" شطبتها، فهل تستسلم شاتيلا؟ بالتأكيد لا. درست الثانوية العامة الفلسطينية في السجن لتنجح بمعدل 81%، وتكمل دارستها في علم النفس في إحدى الجامعات الفلسطينية.

شاتيلا من بلدة كفر قاسم في الداخل المحتل، وهي آخر العنقود، فقد جاءت بعد خمس بنات، وأربع أولاد، لتكون هي مدللة العائلة. حُكم عليها بالسجن لمدة 16 عامًا، وغرامة مالية بقيمة مئة ألف شيكل.


اقرأ أيضًا: شذى جرابعة: محطات لن تُنسى في حياة أسيرة محررة


وبشهادة زميلاتها الأسيرات فإن شاتيلا صاحبة شخصية قوية، وبسبب تجربتها القاسية في السجن في عمر مبكر، أضحت سيدة صلبة وقوية، تقول عنها صديقتها الأسيرة المحررة شذى جرابعة لبنفسج: "شاتيلا مميزة بكل شيء، لديها قدرة كبيرة على الحفظ، تحفظ الأشعار البدوية، كانت تنقلها لنا كنوع من مشاركتنا جزءًا من موروثها الثقافي والاجتماعي".

تضيف شذى: "هي ملتزمة جدًا في دينها وتعاليمه، تحرص على التأكد من صحة أي خطوة أو فعل ستفعله قبل أن تخطو به من ناحية شرعية، وفي نفس الوقت هي المنفتحة على الجميع بمختلف أفكارهم".

| قلن عن شاتيلا 

شاتيلا أبو عيادة

تعيش شاتيلا منذ سنوات حياة مريرة داخل سجن الدامون، تتعرض للتنكيل الدائم، ولكنها وسط هذا تحاول أن تخلق روتينًا خاصًا بها رغمًا عن أنف السجان. قبل الفجر يبدأ يومها، تستيقظ لتراجع حفظها لكتاب الله، فهي تحفظ القرآن الكريم بالكامل، تقيم الليل وتصلي الفجر وتنجز الورد اليومي من القرآن وتبدأ اليوم.

تقول شذى لبنفسج: "تستقبل شاتيلا يوميًا وجبة الإفطار لبقية الأسيرات في الغرفة، وتوقظهن لشرب نصف كوب من الشاي قبل أن يبرد تمامًا فهو بالغالب دافئ أو فاتر. تهتم بتفاصيل الغرفة وتنظيمها وترتيبها، برغم قلة الموارد إلا أنها تحرص دائمًا على نظافة الغرفة والمغسلة والأرضية، وتتحدى في ذلك كل الظروف التي تبدأ من قلة الموارد حتى الطقس البارد".


اقرأ أيضًا: المحرر علي الرجبي: 18 مؤبدًا كٌسرت بإرادة غزة ومقاومتها


تخبرنا شذى أنها تحفظ الكثير من الأناشيد الوطنية، ولديها همة عالية، قارئة نهمة، وتحفظ الكتب عن ظهر قلب، تنقل للأسيرات الروايات التي قرأتها، إضافة لتلخيصها كل كتاب تقرأه لهن". كانت ثروة معرفية بالنسبة لنا كأسيرات، وعوضًا بعد أن صادر الاحتلال جميع الكتب الموجودة في السجن بعد الحرب". تقول شذى.

تشارك شاتيلا بهمتها العالية مع الأسيرات في كل الأنشطة، تعلمهن تلاوة القرآن وفقًا للتجويد، وتشاركهن جلسات التفسير، إضافة إلى أنها تنشغل بتعليمهن اللغة العبرية، وتحرص على تعريفهن بالمصطلحات العبرية الضرورية اللواتي سيسمعونها خلال فترة الاعتقال.

| مفعمة بالحياة ترتقب الحرية

ابنة كوفر قاسم شاتيلا أبو عيادة

عقدت شاتيلا علاقات وطيدة مع الأسيرات، تكون الأم الناصحة في أوقات، وأحيان أخرى الصديقة المستمعة، ومرات المعلمة النجيبة، تقول شذى: "لها علاقات مميزة مع الجميع، لا تؤذي أحدًا وحريصة على مشاعر الأسيرات، لم تتردد يومًا في الاعتذار عن أي موقف بدر منها ولو عن غير قصد، وفي غالبية الأحيان لا يكون الموقف بحاجة لذلك لكنها حريصة على مشاعر الجميع".

تحرص شاتيلا على سؤال الأسيرات الجدد على ما يجري بالخارج، فتحكي شذى أنها على الرغم من سنوات سجنها الطويلة، ما زالت مفعمة بالحياة، تواكب التطورات وتسأل عن تفاصيل الأجهزة الكهربائية الجديدة والإلكترونيات عمومًا وكيفية التعامل معها، وعن أية تطور حدث بالعالم، والبرامج المفيدة والتدريبات المثمرة بالخارج، وتتشوق للخروج وتجربة ما لم يسنح لها الاحتلال بتجربته.

أما عن انتظارها بأمل للخروج في صفقة، تقول شذى: "ترقب شاتيلا حريتها يومًا بعد يوم، متمسكة بيقينها بأن الله سيزيل عنها الغمة ويحل عليها فرجًا عظيمًا وقريبًا، تثق بأن هناك من يرابط ويوصل الليل في النهار سعيًا لحريتها، ولا تستعجل النتائج، وما انتظارها إلا تمسكًا بالأمل واليقين والثقة".

انقطعت أخبار الأهل عن شاتيلا بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وحُرمت من زيارة المحامين، فكانت تتوق لمعرفة أي شيء عن عائلتها، فتوصي من يتحررن من الأسيرات بإبلاغ السلام للأهل، تضيف شذى: "من المواقف المميزة، عندما جاء لأول مرة بعد انقطاع، سلام لها من والدتها وأهلها، فرحت كثيرًا وفاض دمعها وسجدت شكرًا لله واحتفلت مع بقية الأسيرات بهذه المناسبة".


اقرأ أيضًا: وردة عدنان&محمد أبو حميد: فرقتهما المؤبدات ثم الإبعاد


أما عن فراق زميلاتها الأسيرات كانت تفرح شاتيلا لحريتهن وتخبرهن أنها قوية كي لا يخفن عليها، تردف شذى: "عند وداع كل أسيرة وفي آخر ليلة لها قبل الحرية، كانت شاتيلا تودعها بأهازيج شعبية مثلًا: "دوسي على الفرشة بالقبقاب، هيها الحرية على الأبواب، دوسي على الفرشة بكمك، بكرة بتكوني بحضن أمك، دوسي على الفرشة بالحنة، بكرة بتكوني بين أهلنا".

توصي الأسيرات المحررات وتقول لهن: "مهما حصل وإن خرجت ضمن الصفقة أو لم تخرج فإنها تبلغ شكرها للمقاومة وتدرك أنهم قدموا الغالي والنفيس لأجل حريتهن وأنه لن يبقى لها يومٌ واحد لم يكتبه الله لها داخل الأسر".