بنفسج

أول الطريق "خطة".. عن مواسم الهجرة إلى الذات

الثلاثاء 03 يناير

التخطيط للعام الجديد
التخطيط للعام الجديد

بدأت رحلتي مع التخطيط للعام الجديد منذ أربع سنوات، تحديدًا في بداية عام 2016، وقبل هذه البداية، كنت أشبه بمن صعد على متن سفينة دون أن يحدّد وجهته، ولا يملك بوصلة، ولا حتى خارطة طريق. النتيجة الحتميّة لهذه السفينة هو الضياع، ستتخبطها الأمواج تارة، وتزعزعها الأعاصير تارة أخرى، لتلقي بها في جزر ومحطات لا تُتَصور ولا يُعلم عنها شيء، وهذا في أحسن الحالات، إذ من المتوقع جدًا أن تتحطم هذه السفينة ويهلك من فيها، هذا بالضبط ما يحصل لنا عندما نهدر طاقتنا، ونضيع أوقاتنا هنا وهناك دون التخطيط لأيامنا.

الجدير بالذكر أنني وبعد تأمّل، وجدت أن التخطيط وحسن إدارة الوقت والحياة هو في الأصل جزء من تعاليم ديننا الحنيف، من قبل أن ينشأ علم التنمية والإدارة وغيرها من العلوم، ونجد هذا في العديد من المواقف في السيرة النبوية، من حادثة الهجرة، والتخطيط للمعارك والغزوات.

 هذا وأوصانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمجموعة وصايا تضمن لمتبعها النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم بارك لأمتي في بكورها"، ودعاء النبي مُستجاب، لا يرد، وهذا حثٌ منه، وتشجيع على أن يبدأ الواحد منا يومه باكرًا ليحصل على البركة في الرزق، إن كان عاملًا، والبركة في الفهم، إن كان طالبًا، والبركة في إنجاز المهام المنزليّة، إن كانت أمًّا، وقس عليه الكثير.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: " اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك". وفي قوله إشارة منه - صلى الله عليه وسلم - لعدم التسويف، واغتنام الفرص، وأن يستغل الإنسان شبابه وغناه وصحته بالخير والعمل والإنجاز، ليقضي حياته فيما ينفع دينه ودنياه.

الفوائد التي جنيتها من التخطيط للعام الجديد

التخطيط للعام الجديد
 
| التخطيط منحني وقت فراغ إضافي:
 
 رغم أنني أخطط لإنجاز العديد من المهام، ملأت يومي بها بشكل مدروس ومعقول، فالمفترض أن لا يبقى وقت فراغ لهواياتي، أو نشاطاتي، أو التنزه والخروج من المنزل، هذا ما كنت أعتقده، لكن المفاجئة أن التخطيط حافظ على وقتي الذي كنت أهدره بالتشتت والضياع والحيرة.
 
هناك حكمة رائعة تقول: "كل ساعة تُقضى في التخطيط الجيد، توفر ثلاث أو أربع ساعات في التنفيذ"، وهذا حرفيًا ما حدث معي.
 
كما أنه جعل الرؤية أمامي واضحة، ساعدني على ترتيب مهامي وكتابتها، وبالتالي متابعتها باستمرار، والنتيجة أن معدل إنجازي ازداد بشكل ملحوظ.

| رؤية واضحة: فالتخطيط جعل الرؤية أمامي واضحة، ساعدني على ترتيب مهامي وكتابتها، وبالتالي متابعتها باستمرار، والنتيجة أن معدل إنجازي ازداد بشكل ملحوظ، ويومًا بعد يوم، بدأت ألاحظ تغييرًا كبيرًا في يومي وإنجازي.

| رفع الثقة بالنفس: التخطيط وكتابة مهامي اليوميّة والأسبوعيّة والشهريّة، وتحديد الأهداف السنوية، كل هذا زاد من ثقتي بنفسي، ورفع معدل التقدير الذاتي لدي "حسنًا، من منا لا يعتريه الشك، ولو لحظة، بأنه عديم النفع، من منا لم تأته، ولو لمرة، تلك الأفكار، وذلك الصوت الداخلي الذي يقول أنا فاشل، لا فائدة مني".


اقرأ أيضًا: كبسولات لتقدير الذات


كان يحصل هذا معي في بعض الأوقات، لكن بعد التخطيط للعام الجديد، سُرعان ما أُسكت ذلك الصوت المزعج، وأذهب مسرعة إلى كراستي اللطيفة التي تحوي قائمة مهامي، وأراجع ما أنجزته اليوم، وما تمّ إنجازه البارحة، واليوم الذي يسبقه، وقبله بيوم، وأفتح على الصفحة الخاصة بحصاد الشهر، وأطالع ما أنجزته من مهام يومية، وما حققته من أهداف شهرية، وهذا إلى أن أجدني أمام سجّل طويل من الإنجازات التي تغمر قلبي بشعور الرضى عن نفسي، وشعور الحمد والامتنان لله على توفيقه.

التخطيط للعام الجديد

| التخطيط منحني وقت فراغ إضافي: رغم أنني أخطط لإنجاز العديد من المهام، ملأت يومي بها بشكل مدروس ومعقول، فالمفترض أن لا يبقى وقت فراغ لهواياتي، أو نشاطاتي، أو التنزه والخروج من المنزل، هذا ما كنت أعتقده، لكن المفاجئة أن التخطيط حافظ على وقتي الذي كنت أهدره بالتشتت والضياع والحيرة. هناك حكمة رائعة تقول: "كل ساعة تُقضى في التخطيط الجيد، توفر ثلاث أو أربع ساعات في التنفيذ"، وهذا حرفيًا ما حدث معي.


اقرأ أيضًا: "لطبخك كمان خططي": التحضير المسبق لوجبات الأسبوع


| إحياء نبض الطفولة: رغم ما يحتاجه التخطيط للعام الجديد من تفكير منطقي، ورؤية واضحة، إلا أن له جانبًا طفوليًا خفيًا مليئًا بالمرح والألوان، والكراسات المزينة والملصقات اللطيفة، فأنا لا أقوم بالتخطيط وحسب، بل وأخصص وقتًا لتزين جدول مهامي بالألوان والرسومات والملصقات التحفيزيّة، وأخصّص جزءًا من مصروفي لشراء الأدوات المكتبية. ويعدّ الذهاب إلى المكتبة عندي أجمل وأمتع من الذهاب إلى أي مركز تسوق آخر، في كل مرة أدخل فيها المكتبة، يبتهج قلبي برائحة الورق، وبتلك الأدوات والألوان، وأشعر أن نبض الطفولة المرح في قلبي سيبقى حيًا للأبد، وهذا ما أحاول الحفاظ عليه.

نظرية الأولويات

التخطيط للعام الجديد

 

نظرية الأولويات، وتعني أنّه لا بد من تقسيم مهامك وترتيبها حسب أهميتها بالشكل الآتي:

أمور مهمّة مستعجلة: كأن يكون عندك امتحان غدًا، "افعلها أولًا".

| أمور مهمّة غير مستعجلة:  كالتخطيط لتنفيذ مشروع تخرّجك نهاية العام.

| أمور غير مهمّة مستعجلة: كشراء مستلزمات المنزل من السوبر ماركت.

| أمور غير مهمّة وغير مستعجلة:  كتصفح مواقع التواصل الاجتماعي.

 والآن بعد كل هذه الفوائد، أريد عرض إحدى نظريات الوقت التي تساعدك على التخطيط للعام الجديد وتنظيم وقتك وإدارة مهامك وجدولتها، وهي نظرية الأولويات، وتعني أنّه لا بد من تقسيم مهامك وترتيبها حسب أهميتها بالشكل الآتي:

| أمور مهمّة مستعجلة: كأن يكون عندك امتحان غدًا، "افعلها أولًا".

| أمور مهمّة غير مستعجلة: كالتخطيط لتنفيذ مشروع تخرّجك نهاية العام، أو الاشتراك في كورس لتطوير مهارة لديك في الإجازة الصيفيّة، "امنحها وقتًا يوميًّا للتخطيط لها".

| أمور غير مهمّة مستعجلة: وهي ما نحتاجه في روتين الحياة اليوميّة، كشراء مستلزمات المنزل من السوبر ماركت، ملء وقود السيارة. "لا بد من إنجازها، لكن لا تجعلها تأخذ وقتًا طويلًا، وإن استطعت، كلّف غيرك بالقيام بها، كالاعتماد على خدمة التوصيل".


اقرأ أيضًا: سنابل تروى على مهل: كيف تُبنى العادات؟


| أمور غير مهمّة وغير مستعجلة:  كتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، "يمكن الاستغناء عنها، أو قضاء بعض من الوقت عليها في الاستراحة".

يُقال: "هدف بلا خطة لا يزيد عن كونه أمنية". لذلك، إن كان حقًا لديك هدف تتمنى تحقيقه، عليك أن تبدأ من الآن، اكتب خطته وضعها أمام عينيك. ابدأ بالتخطيط للعام الجديد، ودراسته، والإحاطة بجميع جوانبه، ورسم معالمه، والعمل عليه، ومتابعة خطواتك وتقدمك في إنجازه، وإلا، فسيبقى هذا الهدف مجرد حلم في مخيلتك لا وجود له على أرض الواقع.