بنفسج

"هذه المرأة قوية"... لمن تقولين هذه العبارة؟

الجمعة 17 مارس

"وهالبنت القوية.. شو غيّرت فيي.."، كلمات وائل كفوري في أغنيته التي لا أعتقد أن أحدًا لم يسمعها، إن لم يكن من معجبي وائل فبسبب التريند الذي تصدّره، ولكن مَن هي فتاة وائل القويّة؟ حسنًا، بعيدًا عن إحساسك يا وائل، ما هي بالفعل صفات الفتاة القوية؟ كيف تتصرف، وماذا تفعل، وما هو روتين حياتها ليُطلَق عليها صفة "قويّة"؟

أعرف الكثير من الأشخاص الذين يسيئون فهم مصطلح "القوّة" للفتاة، فمنهم من يعتقد أن الفتاة القوية وقحة، ليست محترمة، ولا يمكنك مناقشتها، وأنها لن تتعامل معك بالحسنى، والبعض يعتبر أن القوّة المادية هي ما تعطي المرأة الثقة والقوة عمومًا، فيظهر ذلك في لباسها وطريقة تعاملها بالنسبة للماديات، وهناك مَن يعتبر المرأة الصّبورة على مشاق الحياة وصعوبتها، أو التي تصبر على حرمانها من حقوقها، هي من تستحق بجدارة مصطلح "القوية".

لنكسر الجليد الذي يقوقع قوّة النساء ببعض التصرفات الظاهرية التي إذا فكّرنا فيها مليًا، فهي تنمُّ عن ضعف وليس قوّة، كالّذي يهدد لفظيًا، ولكنه من الداخل شخصٌ فارغ. اليوم، هناك الكثير من النساء الرائعات المؤثرات في العالم، وبعيدًا عن المظهر الخارجي الأنثوي اللطيف – الاهتمام بأنفسنا – ومدى شعبية الأنثى أو ما تكسبه من المال، إلى مَن أوجّه إليها صفة "القويّة"؟ تابعي معي.

| المرأة الصادقة

ليس لديها نقطة ضعف واضحة، لأنه ليس لديها ما تخفيه، وبذلك لا تفعل ما يمكنه أن يعود عليها بالسوء، لأنها واضحة مع نفسها أولًا، وصادقة مع ذاتها، وبالتالي، لا تحتاج لأن تغيّر من ذاتها أو تكذب لترضي غيرها. عدا عن الصراحة مع الآخرين، لذا هي مصدر ثقة في أي مجال حياتي، مع إمكانية المجاملة في بعض الأحيان، كما نعلم، المجاملة ليست كالكذب، بل هي مطلوبة رفقًا بالقلوب.

| الواثقة بنفسها: فخورة لا مغرورة

الثقة بالنفس علامة واضحة على حب الذات غير المؤذي، وغير الأناني، حبّها لذاتها بمحاسنها وسيئاتها، والعمل على تطوير الحسنات والاعتراف بالسيئات، وهو ما يساعد على الابتعاد عن المقارنة مع الأخريات، بل زيادة الإيمان بأن لكلٍّ منّا شيء يميّزه. ببساطة، تلك الواثقة من نفسها لا تحتاج لفعل ما يحتاج لإبراز شخصيتها، أو لجذب الناس وكسب محبتهم، بل تعمل جاهدةً على العيش بسعادة، ومحاولة التقدّم في جميع مجالات الحياة. لا تحزن إن لم تساندها الظروف، ولم تنجح، بل تؤمن بأنها فعلت ما بوسعها، وكانت تقادير الإله ألا يستجيب لسببٍ ما، سبب يصبّ في مصلحتها في النهاية. هذه نبذة عمّا يمكن أن تفكر به الواثقات بأنفسهنّ، القوّيات.

| المُنتجة: وهو ما يؤمن لها الاستقلالية!

عندما نرى في الكُتُب والاقتباسات والأشخاص المثقفين شيئًا من تشجيع المرأة على الدراسة والعمل أولًا، فذلك بالفعل ليس عبثًا، ولا مجرد عبارات يُتاجر بها. هي نصائح قيّمة يجب على كل أنثى التفكير فيها قبل أن تدخل العالم العمليّ؛ وأقصد بالعالم العملي سوق العمل أو الزواج أو الإنجاب. كل ما يمكن أن يأخذ من المرأة وقتها ويحمّلها مسؤولية من الواجب أن تكون جاهزة لها.

نعم، أقول عن المرأة المنتجة قوية، سواء أتمّت دراستها وعملت في مجال دراستها، أو تعلّمت مصلحةً مهمة في سوق العمل، وأسّست عملها الخاص، ولم تتوقف، بل تتجه دائمًا نحو تعلّم أي جديد في مجال عملها كي تواكب السوق وتكبر مع عملها بمرور السنين. عندما تفكّر هذه في الزواج، فسيكون الدافع الأول لزواجها هو الاستقرار مع شريك الحياة المناسب، وربما إنجاب الأطفال، لا البحث عن الفرد الذي سيؤمن لها مصروفها.

المرأة المنتجة قوية لأنها بَنَت نفسها بنفسها، وإضافة أفراد جديدة إلى حياتها ما هو إلا بحكم الحياة والتعامل والأعمال، لا المصلحة البحتة، لذا كونها تقف على رجليها ولا تعتمد على أحد، لا يمكن كسرها، وعندما تضطرّ إلى ترك كل شيء والمضيّ قدمًا، فستمضي بلا التفات.

| المتفائلة دائمًا
 
نعلم أن التفاؤل في الحياة مطلوب عمومًا، فهو صفة إيجابية نحتاجها لنحيا. أحيانًا في الحقيقة بقدر ما يؤذينا الاكتئاب، يداوينا التفاؤل. عندما أصادف امرأة دائمًا ما ترى النصف الممتلئ من الكوب، أقول عنها قوية! لأنه؛ عندما نتعرض لضغوطات الحياة اليومية، قد تؤثر علينا ونشعر بالعجز، ونثرثر عن قلّة حظنا بلا أي هدف أو نفع.
 
المرأة القوية تحارب ما يواجهها من صعاب بعقلية النمو والتفاؤل، طبعًا قد لا نقدر على إظهار التفاؤل بشكل دائم حتى لأنفسنا، وهذا أمرٌ طبيعي بسبب قدرتنا المحدودة على التحمل في النهاية، ولكن مع بداية يوم جديد دائمًا، لا شيء مستحيل.

| كلام الناس آخر همّها

من الجيّد أن نستمع إلى الآراء من حولنا، نناقش، وفي النهاية نستمدّ ما يجعلنا نتقدّم ويحفّزنا في الحياة، ونرمي وراء ظهورنا التعليقات السلبية. احفظي هذه المقولة جيدًا: "لا أحد يريد أن يراك أفضل منه سوى والديك"، لذا لا تعتقدي أن كل من ينصحك يريد الخير لكِ، ولا تكوني صمّاء تمامًا فربما لديكِ أخطاء بالفعل ويجب تصحيحها، استمعي، وانتقي من النصائح والتعليقات ما يليق بأهدافك فقط. عمومًا، خصوصياتكِ لكِ، ملككِ، ولا يحقّ لكِ أن تبعثريها، احتفظي بتفاصيل حياتك المهمة لنفسك، وبذلك لا أعتقد أنك ستسمعين الكثير من التعليقات في الأصل.

| التصميم على النجاح: وضع الأهداف والعمل على تحقيقها

صورة ص.png
صفة من صفات المرأة القوية هي تصميمها على النجاح والوصول لما تريد

عندما نتصور نتائجًا إيجابيةً في المستقبل القريب، فمن الأرجح أن نحقق تلك الرؤى. لا شيء يمكن تحقيقه بسهولة، وطريق النجاح وتحقيق الأهداف صعب، وقد يكون طويلًا أيضًا، ولكنه ممكن! عندما أصادف فتاةً مصممةً على إنهاء دراستها، وتضع في نفس الوقت في ذهنها مشروعًا تجاريًا أو خاصًا بعد التخرج، وتبدأ بالحديث عن كيفية إنجازه وما تخطط له، تخطط له ماليًا، بل وتضع في جعبة أحلامها الخطة B في حال لم ينجح مشروعها الأول، هنا أقف دقيقة صمت، وأقول: "شابّو".👏🏻

أعرف الكثيرات اللواتي لا يعرفن عن أحلام الأنثى سوى لقاء "فارس أحلامها" والزواج منه، وبذهنها أنه من سيحقق أحلامها، فإذا لم يتحقق هذا الحلم الوحيد، فتبقى في بيت الأهل الذي كما نعلم اليوم، وكما هو واضحٌ من أسرار البيوت المكشوفة، أن ليس كل الآباء والأمهات سند حقيقي. نرى ذلك واضحًا في حوادث القتل أو حتى التعصب وإهمال الفتاة، وإذا كان نصيبها في الزواج ليس بالجيد، فستنتقل من سجن منزل الأهل إلى سجنٍ فضفاضٍ أكثر بقليل.


اقرأ أيضًا: لأسباب نفسية أم اجتماعية؟ لماذا تخاف المرأة من الفشل؟


آخر القصص التي آذت روحي بالفعل كانت قضية الشابة السورية آيات الرفاعي، الطفلة ذات التسعةَ عشر عامًا، الأم التي قُتلت على يد زوجها وأبيه وأمه، وكما لاحظتُ في التعليقات على وسائل التواصل، فهناك وعي كبير بأهمية دور الأهل الذين تركوا ابنتهم تعاني من دون أن يسألوا عن حالها، بل إن آيات نفسها لم تتجرأ وتشكي همومها لأهلها، فلو علمت أنهم من الممكن أن ينظروا في حالها، فلم تكن لتتستّر على جرائم زوجها وأهله. هناك الكثير ليُشرَح في هذه النقطة، ولكن أتمنى أن تكون قد وصلت زُبدَة الفكرة.

| تواجه مخاوفها وتسيطر عليها

المرأة القوية7.jpg
المرأة القوية تكون بمواجهة مخاوفها دائمًا بالمرصاد ليس دائمًا بل تحاول السيطرة عليها

يمكنني التعبير عن الموضوع بقول: المرأة القوية توقّع هدنةً مع مخاوفها، فلا تسيطر تمامًا على مخاوفها – كما أي كائن بشري – ولا يمكن لمخاوفها السيطرة عليها. وجود المخاوف أمرٌ لا بدّ منه، لا يمكنني القول إن المرأة القوية ليس لديها ما تخاف خسارته، لذا ليس لديها مخاوف، لا أبدًا، كلّنا لدينا مخاوف.

الخوف من فقدان شخص عزيز، الخوف من الفقر، من بعض الأشخاص، من الفشل، من الحياة عمومًا. كلنا نمتلك تلك المخاوف وأكثر، ولكن نتعامل معها بتأنّي. عندما يخيّل لك فقدان شخصك العزيز، فتذكّري أننا جميعًا سنزول من الحياة يومًا ما، وأن لا شيء يدوم، فدوام الحال من المحال. الفقر لا يدوم، ويحتاج للمعالجة، العمل والسعي، وطرق أبواب مختلف أنواع الأعمال. الفشل طبيعي جدًا في الحياة، نفشل لنتعلّم. فقط تعلّمي التعافي من أي موقف يبثّ في قلبكِ الرّعب، تعلمي أن تداوي جميع مخاوفك وتسيطري عليها.

| تسيطر على علاقاتها مع الناس: لطيفة وقوية في آنٍ معًا!

المرأة القوية4.jpg
المرأة القوية تكون لطيفة مع الناس وقوية مع من يحاول أن يقلل منها ويغرقها بالتعليقات السلبية تكون واثقة بنفسها لا يهمها شيئًا

لطيفة مع من يستحق اللطف، وقوية مع من يحاول أن يكسّر من عزيمتها، تتجاهل التعليقات السلبية الكارهة وترحّب بالأشخاص الطيبين. ببساطة، هي تعرف نفسها وواثقة بنفسها، لذا لا تعطي أذنها للأشخاص السلبيين. لا أؤمن بأن الفتاة القوية ليست لطيفة، ببساطة، يمكنها فرز الأشخاص الذين تتعامل معهم، فمن يستحق اللطف سيجده في كلامها وتصرفاتها، ومن لا يستحق، سيجد أمامه شخصية حازمة وغير مريحة.

بعض الفتيات لا يمكنهن أن يُظهرن الجانب السيء من شخصيتهن حتى لو تعرّضن لموقف سيء: تنمّر أو تحرّش أو تقليل من قيمتها، أو أي تصرّف يمسّ الكرامة ويمسّها شخصيًا، وذلك بغية أن تبقى (أنثى رقيقة لطيفة) في نظر الناس والمجتمع والأشخاص، كون المجتمع عمومًا يحكم على الأنثى ببعض التحيّز، فإذا كانت متكتّمة ولا تقف عند حدود حقوقها، فيُقال أنها قد تلقّت تربية سليمة ومهذبة، أما إذا كان لديها موقفها الخاص، نرى أن أغلب الأشخاص ينعتونها بألفاظ سيئة جارحة: جاحدة وغير محترمة وسيئة المربى.. فكيف لأنثى أن تعترض؟!

هناك الكثير من البلدان التي تدعم الأنثى، وحقوقها. ولكن، في المقابل، يوجد، حتى الآن، مناطق ودول لا تُعنى بهذا الموضوع، وهو ما يفجّر الطاقات الذكورية للسيطرة على الإناث. يوجد مخرّبون في أي بقعة على وجه الكرة الأرضية، ومهما سُنَّت القوانين، إذا لم يكن هناك وعي لدى الإناث بأهميتهن وحقوقهنّ، فلا تُجدي القوانين نفعًا.

| لا أحد مصدر سعاتها الأبدي: الاكتفاء الذاتي من جميع النواحي

لا تسمح الأنثى القوية لنفسها بالاعتماد على أي كائن آخر ليكون مصدر سعادتها، لا زوج، ولا أخ ولا أخت، ولا صديقة. أي شخصٍ آخر في حياتها هو عبارة عن شيء جميل، قد يضيف لشخصيتها الحب، الفرحة، القوة، بل أن وجود الأشخاص الآخرين المحببين إلى قلبها هو من الطبيعة الإنسانية، وهو شيء ضروري، فكما يُقال: "الجنّة بلا ناس ما تنداس".
 
ربما لا يمكن لجميع النساء أن تتمتع بهذه الصفات سويّةً، ولكن لمجرد امتلاككِ إحداها، فأنتِ برأيي قوية، ويمكنك العمل على اكتساب الصفات الأخرى، نعم اكتسابها عزيزتي. أرى في ضعفكِ قوّة أيضًا، أتعلمين لماذا؟ لأن "لا تكن ليّنًا فتُعصَر ولا قاسيًا فتُكسَر".

لا تسمح الأنثى القوية لنفسها بالاعتماد على أي كائن آخر ليكون مصدر سعادتها، لا زوج، ولا أخ، ولا أخت، ولا صديقة. أي شخصٍ آخر في حياتها هو عبارة عن شيء جميل، قد يضيف لشخصيتها الحب، الفرحة، القوة، المرح، ويضيف الاستئناس إلى يومها، بل أن وجود الأشخاص الآخرين المحببين إلى قلبها هو من الطبيعة الإنسانية، وهو شيء ضروري، فكما يُقال: "الجنّة بلا ناس ما تنداس".

نحتاج دومًا من يقف بجانبنا في أوقاتنا الصعبة، وأوقاتنا الجميلة، ولكن أنا أتكلّم هنا عن الظروف التي تجعلها تقف يومًا ما وحيدة، لا أحد يقف بجانبها، هنا تحتاج إلى أن تكون مستكفية بذاتها. عندما لا تتأثر بشكل كبير بفقدان أحد، ولا تربط سعادتها تمامًا بأحد، فهي أنثى قوية.

ختامًا.. ربما لا يمكن لجميع النساء أن تتمتع بهذه الصفات سويّةً، ولكن لمجرد امتلاككِ إحداها، فأنتِ برأيي قوية، ويمكنك العمل على اكتساب الصفات الأخرى، نعم اكتسابها عزيزتي. أرى في ضعفكِ قوّة أيضًا، أتعلمين لماذا؟ لأن "لا تكن ليّنًا فتُعصَر ولا قاسيًا فتُكسَر"، عندما تستقرين في المسافة ما بين اللّين والقساوة، الالتزام والطيبة، الجد والمزح، وتوازنين الأمور، فأنتِ قوية جميلتي.